يتوجه إليه اعتراض كمن وجد مالاً فادعاه ملكًا أقرَ على دعواه ما لم ينازع فيه فلو بلغ هذا الطفل الذي حكم برقه لمدعيه وأنكر الرق وادعى بالحرية لم يقبل منه بعد الحكم برقه كما لا يقبل منه إذا أنكر النسب بعد الحكم به فإن أقام بينه الحرية حكم بها ورفع رق المدعى عنه فإن طلب عند تعذر البينة عليه إحلاف المحكوم له برقه كان له ذلك، لأنها دعوى حرية قد استأنفها على سيده.
فصل: والضرب الثاني: أن تكون الدعوى برق لقيط فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون قبل ذلك التقاطه ففي قبول دعوى المدعي لرقه وجهان:
أحدهما: يقبل كما يقبل منه ادعاء نسبه.
والوجه الثاني: وهو قول الأكثرين من أصحابنا أن قوله لا يقبل في رقه وإن قيل في نسبه.
والفرق بين الرق والنسب من وجهين:
أحدهما: أن في دعوى النسب حقًا له وحقًا عليه ودعوى الرق حق له لا عليه.
الثاني: أن النسب لا يمنع منه ظاهر الدار بل يقتضيه والرق يمنع منه ظاهر الدار وينافيه ويشبه أن يكون تحريج هذين الوجهين من اختلاف قولي في حكم اللقيط فإن قيل إنه حر في الظاهر لم يحكم برقه للمدعي وإن قيل إنه مجهول الأصل حكم به.
فصل: والضرب الثاني: أن تكون دعوى رقه بعد التقاطه فلا تسمع هذه الدعوى إلا ببينه لا يختلف أصحابنا فيه سواء ادعاه ملتقطه أو غيره وفرق ما قبل التقاطه بعده أن قبل الالتقاط لم تستقر علي يد وبعد الالتقاط قد استقرت عليه يد وإذا كان كذلك فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون مدعي رقه هو الملتقط.
والثاني: أن يكون غيره من الأجانب فإن كان المدعي هو الملتقط فلا يخلو من أحد أمرين أما أن تكون له بينه أو لا تكون فإن لم تكن له بينة كانت دعواه مردودة واللقيط على ظاهر الحرية لم يثبت عليه رق ويقر في يده مع ماله إن كان ولا ينزع منه وإن كان مدعيًا لما استحقه من كفالته بالالتقاط هو الذي نقله المزني في جامعه الكبير والذي أراه أولى أن انتزاعه من يده واجب، لأنه قد خرج بدعوى رقه من الأمانة في كفالته وربما صارت عليه استدامة يده ذريعة إلى تحقيق رقه وإن كانت له بينة فعلى ضربين:
أحدهما: أن تشهد له باليد فلا يحكم بها، لأن اليد شاهدة وليس يحكم بها للعلم بسببها فلم يكن للشهادة بها تأثير.
والثاني: أن تشهد البينة له بالملك فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تصف سبب الملك على وجه يوجب الملك وذلك من أحد خمسة