دعواه وإن كانت له بينة فعلى ضربين:
أحدهما: أن تشهد له بالملك فيكون على ما مضى في الشهادة للملتقط.
والثاني: أن تشهد له باليد قبل التقاطه ففي الحكم بها قولان:
أحدهما: لا يحكم بها لغير الملتقط كما لا يحكم با للملتقط ولا تكون اليد عليه موجبة لملكه لما ذكرنا من تغليظ حاله فعلى هذا لا يحكم بها في ملكه لرقه ولكن يحكم بها في تقدم يده واستحقاق كفالته، لأن بينته تشهد بأن يده كانت عليه قبل يد ملتقطه فعلى ما حكاه المزني ينتزع من الملتقط ويسلم إليه ليكفله وعلى ما أراه أولى يمنع لئلا يصبر ذريعة إلى استرقاقه.
والثاني: ذكره المزني في جامعه الكبير أنا نحكم له برقه مع الشهادة ل باليد بخلاف يد الملتقط، لأن في إقرار الملتقط بأنه لقيط تكذيب لشهوده بأن اليد موجبة لملكه وليس من غير الملتقط إقرار يوجب هذا إلا أن المزني فيما نقله عن الشافعي في جامعه الكبير أنه قال بعد الحكم بالشهادة ل باليد ويحلف أنه كان في يده رقيقًا له فإن لم يحلف لم أرقه له فاختلف أصحابنا في إحلافه مع البينة هل وواجب أو استحباب على وجهين:
أحدهما: أنه واجب لينفي بها احتمال اليد أن تكون بغير ملك فإن نكل لم يحكم له برقه.
والثاني: أنها استحباب وليست بواجبة، لأن اليد إن أوجبت الملك أغنته عن اليمين إذا لم يكن منازع وإن لم توجب الملك لم يكن للشهادة بها تأثير ولأن في اليمين مع البينة اعتلالاً للشهادة.
فصل: فلو ادعى الملتقط بنوة اللقيط ألحق به ولم يكلف ببينة فلو ادعى غيره بعد ذلك رق اللقيط لم يسمع منه إلا ببينة لما ذكرنا من الفرق بين الرق والنسب وإذا أقامها صار ابنًا للملتقط وعبدًا للآخر لإمكان الأمرين ويكون السيد أولى بكفالته من الأب.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعيُّ رَحمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَإذَا بَلَغَ اللَّقيطُ فَاشْتَرَى وَبَاعَ وَنَكَحَ وَأَصْدَقَ ثُمِّ أَقَرَّ بالرّقِّ لِرَجُلِ أَلْزَمْتُهُ مَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ إِقْرَارِهِ وَفِي إِلْزَامِهِ الرّقِّ قَوْلاَنِ أحدهما أَنََّ إِقْرَارِهِ يَلْزَمُه ُفِي نَفْسِهِ وَفِي الفَضْلِ مِنْ مَالهِ عَمَّا لَزِمَهُ وَلاَ يَصْدُقُ َفِي حَقِّ غَيْرِهِ وَمِنْ قَالََ أَصْدَقَهُ فِي الكُلِّ. قَالَ: لأَنَّهُ مَجْهُولُ الأَصْلِ وَمِنْ قَالََ القَوْلَ الأَوَّلَ قَالَهُ فِي امْرَأَةٍ نُكحتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِمِلْك لِرَجُلٍ لاَ أُصَدِّقُهَا عَلَى إفْسَادِ النِّكَاح وَلاَ مَا يَجبُ عَلَيْهَا للِزَّوْجِ وَأَجْعَلُ طَلاَقَهُ إيَّاهَا ثَلاثَا وَعِدَّتُهَا ثَلاثُ حِيَضٍ وَفِي الوَفَاةِ عِدَّةُ أَمَةٍ لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا َفِي الوَفَاةِ حَقِّ يَلْزَمُهَا لَهُ وَأَجْعَلُ وَلَدَهُ قَبْلَ الإقْرَارِ وَلَدَ حُرَّةٍ وَلَهُ الخِيَارُ فَإنْ أَقَامَ عَلَى النْكَاحِ كَانَ وَلَدُهُ