أصحابنا هل قال ذلك استحبابًا أو واجبًا فقال بعضهم ذهبنا إلى استحبابه رأيًا وقال آخرون: بل ذهبنا إليه واجبًا وقالاه مذهبًا حتمًا، وبوجوب ذلك قال الحسن البصري وإسحاق بن راهويه وفي هذا القول إجماع على أن العبد لا يورث في حال رقه وهو أقوى دليل على أنه لا يملك إذا ملك؛ لأن الملك بالميراث أقوى منه بالتمليك وإنما أوجبوا ابتياعه وعتقه، وهذا غير لازم من وجهين:
أحدهما: أن سيد العبد لا يلزمه عبده ولا يجوز أن يجبر على إزالة ملكه.
والثاني: أنه لو بيع من سيده لكان يرث معتقًا بعد الموت وهذا دليل على أن المعتق بعد الموت لا يرث.
فصل: فأما المدبر فكالعبد لا يرث ولا يورث وكذلك أم الوالد لا ترث ولا تورث فأما المكاتب فهو عبد ما بقي عليه درهم لا يرث ولا يورث، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وعائشة وأم سلمة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم. ومن التابعين سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز.
ومن الفقهاء: الزهري وأحمد بن حنبل.
وقال عبد الله بن عباس إذا كتبت صحيفة المكاتب عتق وصار حرًا يرث ويورث.
وقال علي بن أبي طالب عليه السلام يعتق منه بقدر ما أدى ويرث به ويرق منه بقدر ما بقي ولا يرث به.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن أدى قدر قيمته عتق وورث وإلا فهو عبد لا يرث. وقال أبو حنيفة ومالك: هو عبد ما بقي عليه درهم واحد فإن مات له ميت لم يرثه.
قال: وإن مات أدى من ماله ما بقي عليه من كتابته وجعل الباقي لورثته إلا أن أبا حنيفة يجعل ذلك لمن كان معه في الكتابة ومن كان حرًا.
وقال مالك: يكون لمن كان معه في الكتابة دون من كان حرًا.
والدليل على جميعهم ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ولأن من منعه الرق من أن يرث منعه الرق أن يورث كالعبد.
فصل: فأما المعتق بعضه فقد اختلف الناس هل يرث أم لا؟ فحكي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه يرث بقدر ما عتق منه ويحجب به، قال المزني وعثمان البتي وحكي عن عبد الله بن عباس أنه يرث كل المال كالأحرار، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وحكي عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رحمه الله عليهما أنه لا يرث بحال، وبه قال