مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَالقَاتِلُونَ عَمْدًا أَوْ خَطًَأ وَمَنْ عَمِيَ مَوْتُهُ كَلَّ هَؤُلَاءِ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح لا اختلاف بين الأمة إن قاتل العمد لا يرث عن مقتوله شيئًا من المال ولا من الدية وإن ورث غير الخوارج وبعض فقهاء البصرة، فقد حكي عنهم توريث القاتل عمدًا استصحابًا لحاله قبل القتل، والدليل عليهم ما رواه مجاهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس لقاتل شيء".
وروي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القاتل لا يرث".
وروي عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وإن كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث".وروي محمد بن راشد عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القاتل عمدًا لا يرث من أخيه ولا من ذي قرابته ويرثه أقرب الناس إليه نسبًا بعد القاتل"، لأن الله تعالى جعل استحقاق الميراث تواصلًا بين الأحياء والأموات لاجتماعهم على الموالاة والقاتل قاطع للموالاة عادل عن التواصل فصار أسوأ حالًا من المرتد، ولأنه لو ورث القاتل لصار ذلك ذريعة إلى قتل كل مورث رغب وارثه في استعجال ميراثه، وما أفضى إلى مثل هذا فالشرع مانع فيه.
فصل: فأما القاتل إذا لم يكن عامدًا في القتل قاصدًا للإرث فقد اختلف الفقهاء فيه فقال مالك: قاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية.
وقال الحسن وابن سيرين: قاتل الخطأ يرث من المال والدية جميعًا.
وقال أبو حنيفة: لا يرث قاتل العمد والخطأ إلا أن يكون صبيًا أو مجنونًا فيرث وكذلك العادل إذا قتل باغيًا ورثه ولا يرث الباغي إذا قتل عادلًا، ومال أبو يوسف ومحمد بن الحسن إلى إرث الباغي العادل كما يرث العادل الباغي إذا كان متأولين.
وقال الشافعي: كال قاتل يطلق عليه اسم القتل من صغير أو كبير عاقل أو مجنون عامد أو خاطئ محق أو مبطل فإنه لا يرث.