قطع التوارث فإذا صدر عن الصغير وجب أن يقطع التوارث.
أصله فسخ النكاح ولأن منع القاتل من الإرث لا يخلو أن يكون بمكان الإرث فهو ما يقوله من منع الإرث لكل من انطلق عليه الاسم أو يكون لأجل التهمة فقد يخفي ذلك من الخاطئ والمجنون والصبي لاحتمال قصدهم وتظاهرهم بما ينفي التهمة عنهم، فلما خفي ذلك منهم صار التحريم عامًا كالخمر التي حرمت، ولأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة فحسم الله تعالى الباب في تحريم قليلها وكثيرها وإن كان قليلًا لا يصد لاشتباه الأمر بما يصد.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث" فإنما أراد به رفع المأثم، وليس رفع الإرث متعلقًا برفع المأثم كالخاطئ والنائم لا مأثم عليهما ولو انقلب نائم على مورثه فقتله لم يرثه بوفاق أبي حنيفة، وهكذا الجواب عن قولهم إن منع الإرث عقوبة فأشبه القود، لأن الخاطئ لا عقوبة عليه وكذلك المسلم يمنع من ميراث المسلم وإن لم يستحق العقوبة.
فصل: فإذا تمهد ما وصفنا فلا يخلو حال القتل إذا حدث عن الوارث من أن يكون عن سبب أو مباشرة فإن كان عن سبب فعلى ضربين:
أحدهما: أن لا يوجب الضمان كرجل حفر بئرًا في ملكه فسقط فيها أخوه أو سقط حائط داره على ذي قرابته أو وضع في داره حجر فعثر به، فإذا مات في هذه الأحوال كلها لم يسقط ميراثه بشيء منها، لأنه غير منسوب إلى القتل لا اسمًا ولا حكمًا.
والثاني: أن يكون السبب موجبًا للضان كوضعه حجرًا في طريق أو حفر بئر في غير ملك وسقوط جناح من داره فإذا هلك بذلك ذو قرابته لم يرثه عند الشافعي وورثه أبو حنيفة.
وقال أبو العباس بن سريج: ما كان فيه متهمًا لم يرثه به وما كان منه غير متهم فيه ورثه هذا ينكسر الخاطئ.
والثاني: أن يكون القتل مباشرة فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون بغير حق فيكون مانعًا من الميراث في جميع الأحوال من عمد أو خطأ في صغر أو كبر في عقل أو جنون.
والثاني: أن يكون بحق كالقصاص وما في معناه فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون قتلًا هو مخير في فعله وتركه كالقود إذا أوجب له فلا يرث به.
والثاني: أن يكون قتلًا واجبًا كالحاكم والإمام إذا قتل أخاه قودًا لغيره فمذهب الشافعي لا ميراث له اعتبارًا بالاسم.
وقال أبو العباس بن سريج: إن قتله بالبينة لم يرثه، لأنه متهوم في تعديلها وإن قتله بإقراره ورثه، لأنه غير متهوم.