فللأجنبي النصف ويسقط الوارث».
قال في الحاوي: وللورثة أن يعترضوا في الوصية من وجهين:
أحدهما: فيما زاد على الثلث، لأن غاية ما يستحقه الميت من جملة ما له بالوصية لقوله - صلى الله عليه وسلم - لسعد: «الثلث والثلث كثير» فإن أوصي باكثر من الثلث، لزمت الوصية في الثلث، وكانت الزيادة عليه موقوفة على إجازة الورثة وردهم.
والثاني: في اعتراض الورثة الوصية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى قد أعطي كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث».
فإن أوصي لوارث فمذهب المزني، وهو أحد قولي الشافعي مخرج من كلام له من بعض كتبه أنها باطلة، لا تصح وغن أجازها الورثة للنهي عنها، ولثبوت الحكم بنسخها.
والقول الثاني: وهو الذي نص عليه الشافعي في جميع كتبه أنها موقوفة على إجازة الورثة كالزيادة على الثلث. وعلى هذا القول يكون التفريع فعلي هذا لو أوصي لوارث بثلث ماله، ولأجنبي بثلث ماله، فقد استحق الورثة المنع في الوجهين من الزيادة على الثلث لوارث وغير وارث، ومن الوصية لوارث وإن احتملها الثلث. وإن كان كذلك: فللورثة أربعة أحوالي:
أحدها: أن يجيزوا الأمرين، الوصية للوارث، والزيادة على الثلث، فتمضي الوصية.
والحال الثانية: أن يجيزوا الزيادة على الثلث، ويمنعوا الوصية للوارث فيأخذ الأجنبي الثلث كاملًا، لأنهم لم يعترضوا عليه في الزيادة، وكملت وصيته.
والحالة الثالثة: ان يردوا الزيادة على الثلث، ويجيزوا الوصية للوارث فيكون الثلث بين الأجنبين والوارث نصفين، ويأخذ كل واحد منهما سدسًا، لاشتراكهما فيما رجعت إليه الوصية.
والحال الرابع: أن يردوا الزيادة على الثلث، ويمضوا الوصية للوارث، فيكون للأجنبي السدس، لأن ما زاد مردود في حقهما معًا فصار الثلث لهما، ثم منع الوارث منه فصار سهمه ميراثًا وأخذ الأجنبي سهمه منه لو كان الوارث له مشاركًا فلو كانت الوصية لأجنبي ووارثين، ولم يجيزوا: كان للأجنبي ثلث الثلث، لأنه أحد ثلاثة أشركوا في الثلث. ولو كانت لأجنبيين ووارث. كان لهما ثلث الثلث، والاعتبار بكونه وارثًا، عند الموت لا وقت الوصية. فعلي هذا، لو كان وارثًا ثم صار عند الموت غير وارث: صحت له الوصية. ولو أوصي له وهو غير وارث ثم صار عند الموت وارثًا: ردت الوصية. ولو أوصي لامرأة أجنبية ثم تزوجها: بطلت الوصية، ولو أوصي لزوجته، ثم طلقها: صحت الوصية، والله أعلم.