فصل: ولا تصح إجازة الورثة إلا من بالغ، عاقل، جائز الأمر. وإن كان فيهم صغير أو مجنون، أو محجور عليه بسفه: لم تصح منه الإجازة، ولا من الحاكم عليه، ولا من وليه لما في الإجازة عليه من تضييع حقه، ولا ضمان على الولي المجيز، ما لم يقبض، فإن أقبض، صار ضامنًا لما أجازه من الزيادة.
فصل: وإذا أجاز الورثة الزيادة على الثلث، ثم قالوا: كنا نظن أن الزيادة يسيرة، أو كنا نظن ماله كثيرًا، أو كنا لا نرى عليه دينًا: كان القول قولهم مع أيمانهم.
فإن قيل إن الإجازة ابتداء عطية منهم، بطلت في الزيادة على الثلث، لأنها هبة جعلوا بعضها، فطلت. وإن قلنا إنها تنفيذ وإمضاء، قيل لهم قد لزمكم من إمضاء الزيادة القدر كنتم تظنوه يزيد على الثلث لأنكم قد علمتموه، وبطلت الزيادة فيما جعلتموه فإن اختلفوا مع الموصي له في القدر الذي علموه: كان القول فيه قولهم مع أيمانهم.
فصل: وإذا مات رجل وترك ابنين، فادعي رجل أن أباهما وصي له بثلث ماله، فصدقه أحدهما، وكذبه الآخر، حلف المكذب ولا شيء عليه في حصته وفيما يلزم الصمدق وجهان:
أحدهما: يلزمه ثلث حصته، وهو سدس جميع المال.
والوجه الثاني: يلزمه سدس جميع المال من حصته.
وهذان الوجهان: مخرجان من اختلاف قوليه في إقرار أحد الابنين بدين، فلو صدقه أحدهما على جميع الثلث، وصدقه الآخر على السدس.
لزم المصدق على السدس نصف السدس، وفيما يلزم المصدق على الثلث وجهان:
أحدهما: نصف الثلث، وهو السدس.
والثاني: ثلاثة أربع الثلث، وهو الربع. والله أعلم بالصواب.
مسألة:
قال الشافعي- رحمه الله تعالى-: «وتجوز الوصية لما في البطن وبما في البطن إذا كان يخرج لأقل من ستة أشهر فإن خرجوا عددًا ذكرانًا وإناثًا فالوصية بينهم سواء وهم لمن أوصي بهم له».
قال في الحاوي: وهذه المسألة مشتملة على فصلين:
أحدهما: الوصية بالحمل.
والثاني: الوصية للحمل.
فأما الوصية للحمل فجائزة، لأنه لما ملك بالإرث، وهو أضيق، ملك بالوصية التي هي أوسع. ولو أقر للحمل إقرارًا مطلقًا بطل في أحد القولين. والفرق بينهما: أن الوصية