أحمل للجهالة له من الإقرار. ألا ترى أنه لو أوصي لمن في هذه الدار صح. ولو أقر له لم يصح. فإذا قال: قد أوصيت لحمل هذه المرأة بألف نظر حالها إذا ولدت، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من حين تكلم بالوصية لا من حين الموت صحت له الوصية لعلمنا أن الحمل كان موجودًا وقت الوصية. وإن وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الوصية: فالوصية باطلة لحدوثه بعدها، وأنه لم يكن موجودًا وقت تكلمه بها. وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من وقت الوصية، ولأقل من أربع سنين، فإن كانت ذات زوج أو سيد يمكن أن يطأها فيحدث ذلك منه: فالوصية باطلة لإمكان حدوثه فلم يستحق بالشك. وإن كانت غير ذات زوج أو سيد يطأ، فالوصية صحيحة، لأن الظاهر تقدمه والحمل يجري عليه حكم الظاهر في اللحوق، فكذلك في الوصية.
فصل: فإذا صحت الوصية فسواء كان الحمل حرًا، أو مملوكًا، لأن الوصية للمملوك جائزة، إلا أنها في المملوك لسيدة، وفي الحر له، دون غيره. ثم إن وضعت حملها ذكرًا أو أنثي، فالوصية له. وإن وضعت ذكرًا وأنثي كانت الوصية بينهما نصفين، لأنها هبة لا ميراث، إلا أن يفضل الموصي الذكر على الأنثى. لو على هذه فيحمل على تفضيله.
فلو قال: إن ولدت غلامًا فله ألف، وإن ولدت جارية فلها مائة، فولدت غلامًا: استحق ألفًا، وإن ولدت جارية استحق الغلام ألفًا والجارية مائة. وإن ولدت خنثي دفع إليه مائة، لأنها يقين، ووقف تمام الألف حتى يستبين. وهكذا لو قال: إن كان في بطنك غلام فله ألف، وإن كان في بطنك جارية فلها مائة، فولدت غلامًا أو جارية، كان للغلام ألف وللجارية مائة. فلو ولدت غلامين، أو جاريتين، صحت الوصية، وفيها ثلاثة أوجه حكاها ابن سريج.
أحدها: أن للورثة أن يدفعوا الألف إلى أي الغلامين شاؤوا والمائة إلى الجاريتين شاؤوا؛ لأنها لأحدهما فلم تدفع إلى أحدهما، ورجع فيها إلى بيان الوارث، كما لو أوصي له بأحد عبديه.
والوجه الثاني: أنه يشترك الغلامان في الألف، والجاريتان في المائة، لأنها وصية لغلام وجارية، وليس أحد الغلامين أولى من الآخر فشرك بينهما، ولم يرجع فيه إلى خيار الوارث، بخلاف الوصية بأحد العبدين اللذين يملكهما الوارث، فجاز أن يرجع إلى خياره فيهما.
والوجه الثالث: أن الألف موقوف بين الغلامين، والمائة موقوفة بين الجاريتين حتى يصطلحا عليهما بعد البلوغ؛ لأن الوصية لواحد فلم يشرك فيها بين اثنين وليس للوارث فيها خيار، فلزم فيها الوقف.
فصل: ولو قال: إن كان الذي في بطنك غلام فله ألف، وإن كان الذي في بطنك جارية فلها مائة، فولدت غلامًا وجارية.