فأما الخنثى المشكل: ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول الربيع.
أنه لا يجوز لخروجه عن العرف. ولكن لو قال أمة: لم يجز أن يعطي عبدًا ولا خنثى. ولو قال عبدًا: لو يجز أن يعطي أمة، ولا خنثي. ولو كان في كلامه ما يدل على مراده: حملت الوصية على ما يدل عليه مراده، كقوله: «أعطوه رأسًا يستمتع بها»، فلا يعطي إلا امرأة، لأنها هي المقصودة بالمنفعة.
ولو قال: رأسًا يخدمه، لم يعط إلا صحيحًا؛ لأن الزمن لا خدمة فيه، وكذلك الصغير، ولو أراد الورثة أن يشتروا له رأسًا، لا من رقيقه لم يجز:، لأنه عين الوصية في رقيقه.
والثاني: أن لا يكون له عند الوصية يرأس من رقيقه رقيق، ولا يملك بعد الوصية رقيقًا، فالوصية باطلة:، لأنه أحالها إلى رقيق معدوم.
والثالث: أن لا يكون له عند الوصية برأس من رقيقه، ويملك بعد الوصية وقبل الموت رقيقًا، ففي صحة الوصية وجهان، كمن أوصي بثلث ماله ولا مال له: أحدهما: جائزة، والثاني: باطلة.
فصل: وأما إن أوصي برأس من رقيق من ماله.
فالوصية جائزة، سواء خلف رقيقًا أم لا، لأنه جعل وصيته بالرقيق في المال، والمال موجود. وإن لم يكن له رقيق، كان الورثة بالخيار في شراء ما شاؤوا من الرقيق. وإن كان له رقيق: فالورثة بالخيار بين أن يعطوه رأسًا منهم، وبين أن يشتروا له.
فصل: ولو أوصي بعبده النوبي، ولم يكن له إلا عبدًا زنجي، لم يعط إلا النوبي، ولو كان له جماعة من العبيد النوب: أعطوه أي النوبي شاؤوا. ولو قال: أعطوه عبدي سالمًا الحبشي، فاجتمع الاسم والجنس في عبد فكان له عبد حبشي يسمي سالمًا: صحت فيه، ولو كان له عبدًا يسمي سالمًا، وليس بحبشي، وعبدًا حبشي وليس بسالم: فالوصية باطلة، لأن الصفتين اللتين علق بهما وصية من الاسم والجنس لم يجتمعا.
فصل: فلو شهد شاهدان أنه أوصي لزيد بعبده سالم الحبشي وكان له عبدان حبشيان اسم كل واحد منهما سالم. فإن عينا الموصي به منهما: صحت شهادتهما في الوصية لمن عيناه، وإن لم يعين الشاهدان أحدهما، ففي شهادتهما قولان حكاهما ابن سريج:
أحدهما: باطلة، للجهل بها والشهادة المجهولة مردودة، ويكون القول قول الوارث في إنكار الوصية وإثباتها.
والثاني: أن الشهادة جائزة، لأنها تضمنت وصية لا يؤثر فيها الجهالة بها، ثم فيها وجهان حكاهما ابن سريج:
أحدهما: أن العبدين موقوفين بين الموصي له والوارث حتى يصطلحوا على