الموصى له منهما، لأنهما أشكلًا بالشهادة عليهم، لا باعترافهم فلم يرجع إلى بيانهم.
والثاني: أنه يرجع إلى بيان الورثة في أي العبدين شاءوا، لأن وجوب الوصية بالشهادة، كوجوبها باعترافهم فوجب أن يرجع في الحالين إلى بيانهم.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو هلكت إلا رأسًا كان له إذا حمله الثلث».
قال في الحاوي: أما إذا أوصي برأس من ماله: فالوصية حائزة لا تبطل بموت رقيقة إذا كان ماله باقيًا. فأما إذا أوصي برأس من رقيقه فقد مضي الكلام إذا لم يمت منهم أحد. وأما إذا حدث فيهم موت فعلي ضربين:
أحدهما: أن يهلك جميعهم.
والثاني: بعضهم. فإن هلكوا جميعًا فعلي ضربين:
أحدهما: أن يكون هلاكًا غير مضمون كالموت، فالوصية قد بطلت، إلا أنه إن كان قبل موت الموصي، فلا وصية، وإن كان بعده فقد هلك ذلك من مال الموصي له والورثة جميعًا.
والثاني: أن يكون هلاكهم مضمونًا كالقتل الذي يوجب ضمان قيمتهم على قاتلهم، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون قتلهم بعد موت الموصي: فالوصية صحيحة، لأن القيمة قائمة مقامهم، ثم للورثة أن يعطوه قيمة أيهم شاؤوا، كما كان لهم مع بقائهم أن يعطوا أيهم شاؤوا.
والثاني: أن يكون قتلهم قبل موت الموصي ففي الوصية وجهان:
أحدهما: جائزة، لأن القيمة بدل منهم. فصار كوجودم فعلي هذا يعطونه قيمة أيهم شاؤوا.
والثاني: أنها باطلة، لأن انتقالهم إلى القيمة في القتل كانتقالهم إلى الثمن في البيع، فلما كان بيعهم في حياة الموصي موجبًا لبطلان الوصية كذلك قتلهم في حياة الموصي موجبًا لبطلان الوصية.
ومن قال بالوجه الأول يفرق بين البيع والقتل بأن البيع كان باختيار الموصي، فكان رجوعًا. والقتل بغير اختياره، فلم يكن رجوعًا.
فصل: وإن هلك بعضهم وبقي بعضهم كأنهم هلكوا جميعًا إلا واحدًا منهم، فهذا على ضربين: