يتقص منه. فإن لم يبلغ مال الوصية ثمن ثلاث رقاب صرفه في رقبتين: فإن فضل من الرقبتين، ليكون أكثرهما ثمنًا، فتكون أكثر ثوابًا. وإن كان يقدر بالفضلة على بعض ثالثة، ففيه وجهان، حكاهما أبو إسحاق المروزي:
أحدهما: أنه يشتري بالفضلة بعض ثالثة، لأن ذلك أقرب إلى الثلاث الكاملة.
والثاني: وهو الظاهر من كلام الشافعي أنها تزد في ثمن الرقبتين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب فقال: «أكثرها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها». ولأن في تبعيض الرقبة في العتق، إدخال ضرر على الرقبة، وعلى مالك الرقبة فيها، فكان رفع الضرر أولى. وأما إن اتسع الثلث لأكثر من ثلاث رقاب، فاستكثار العدد من استرخاص الثمن أولى من إقلال العدد مع استكثار الثمن وجهًا واحدًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعتق رقبة، أعتق الله بكل عضو منها، عضوًا منه من النار، حتى الذكر بالذكر، والفرج بالفرج».
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ويحزيء صغيرها وكبيرها».
قال في الحاوي: وهذا كما قال. إذا أوصى أن يصرف ثلث ماله في عتق الرقاب، جاز أن يعتق عنه الذكور والإناث في إعتاق الخناثى وجهان: وجاز أن يعتق عنه الصغار والكبار، لانطلاق الاسم على جميعهم. وفي جواز عتق من لا يجزيء في الكفارة من الكبار، والزمني وجهان: تخرجا من اختلاف القولين في نذر الهدى، هل يلزم فيه ما يجوز في الأضاحي؟
أحدهما: يلزم، فعلي هذا، لا يجزئه إلا عتق من هي سليمة من العيوب المضرة.
والثاني: لا يلزم: ويجوز أن يهدي كل مال، فعلي هذا يجزئه عتق الكافرة، والمؤمنة.
فصل: وإذا أوصى أن يعتق بثلث ماله رقاب، أو اشتري بثلث ماله رقابًا، وأعتقوا ثم ظهر عليه دين يستوعب التركة، نظر في الرقاب، فإن كانوا قد اشتروا بعين الثلث: بطل الشراء لاستحقاق الثمن في الدين، ورد العتق لعدم الملك، وإن كانوا قد اشتروا في ذمة الوارث، لا بعين المال من الثلث نفذ عتقهم على الوارث، لثبوت الشراء في ذمته، ولزومه صرف الثلث في الدين.
فصل: وإذا أوصى بعتق عبد بألف درهم، فكان الثلث خمسمائة درهم، اشترى بها عبدًا وأعتق عنه.