فيحتمل أن يكون معناه: وأن ليس على الإنسان، كما قال تعالى: {وإنْ أَسَاتُمْ فَلَهَا} الإسراء: 7، أي فعليها، على أن ما مات عن غيره فيه، جاز أن يكون في حكم ما يسعي في قصده.
وأما الإيمان: فإنه لا تصح النيابة فيه عن الحي، فكذلك عن الميت، وليس كالصدقة على أنه قد يتيسر حكم الإيمان عن الإنسان إلى غيره، كما يكون الأب متيسرًا إلى صغار ولده.
فصل: فإذا تقرر ما وصفنا من عود الثواب إلى الميت، بفعل غيره، فما يفعل عنه على أربعة أقسام:
أحدها: ما يجوز أن يفعل عنه بأمره وغير أمره.
وذلك قضاه الديون، أداء الزكاة، وفعل ما وجب من حج أو عمرة، والدعاء له والقراءة عند قبره.
والثاني: ما لا يجوز فعله عنه بأمره ولا بغير أمره.
أحدها: ما يجوز أن يفعل عنه بأمره وغير أمره.
وذلك قضاء الديون، وأداء الزكاة، وفعل ما وجب من حج أو عمرة، والدعاء له والقراءة عند قبره.
والثاني: ما لا يجوز فعله عنه بأمره ولا بغيره أمره.
وذلك: كل ما لا تصح فيه النيابة من العبادات، كالصلاة والصيام وكان في القديم: يري جواز النيابة في صوم الفرض، إذا أناب عنه وارث. وفي نيابة الأجنبي عنه وجهان والمشهور عنه خلافه.
والثالث: ما يجوز أن يفعل عنه بأمره، ولا يجوز أن يفعل عنه بغير أمره، وهو النذر بالعتق، لما فيه من لحوق الولاية.
والرابع: ما لا يجوز أن يفعل عنه بغير أمره، وفي فعله عنه، فأمره قولان: وهو حج التطوع.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «وقال في كتاب آخر ولو أوصي له ولمن لا يحصي بثلثه فالقياس أنه كأحدهم».
قال في الحاوي: وصورتها: في رجل أوصي بثلث ماله لزيد والمساكين فلا يخو حال زيد من أن يكون غنيًا أو مسكينًا، فإن كان مسكينًا فقد اختلف أصحابنا فيما يعطي من الثلث على ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو الظاهر من كلام الشافعي: أنه يكون كأحدهم يعطيه الوصي ما يراه من قليل أو كثير فيعطاه أحد المساكين ويستفاد بتعينه أنه لا يحرم.
والثاني: أنه يعطي الربع من الثلث الموصي به ويصرف ثلاثة أرباعه للمساكين، لأنه قد ذكره مع جمع أقلهم ثلاثة، فصار معهم رابعًا، فاختص بالرابع اعتبارًا بالتسوية ثم تجوز الثلاثة الأرباع في أكثر من ثلاثة تفضيلًا وتسوية.