ووجب عليه لشريكه قيمة حصته، ولم يكن للشريك أن يستبقيها على ملكه ولا أن يعتقها في حق نفسه، وإن كان المعتق موسرًا لم يسر عتقه إلى حصة الشريك، وكانت حصته باقية على ملكه إن شاء أعتقها وإن شاء استبقاها ولا يجبر العبد على الاستسعاء فيما رق منه في حق واحد منهما وتتبعض في العبد الحرية والرق. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن تتبعض فيه فيكون بعضه حرًا وبعضه مرقوقًا. والواجب تكميل الحرية فيه فإن كان المعتق موسرًا كان شريكه بالخيار بين ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يعتق حصته مباشرة فيكون الولاء بينهما. والحالة الثانية: أن يستسعي العبد في حصته فيعتق عليه بالسوية ويكون الولاء بينهما. والحالة الثانية: أن يأخذ المعتق بقيمة حصته ويكون المعتق فيه بين خيارين إن شاء أعتقه، وإن شاء استسعاه في حصته فيه بقيمتها، وإن كان المعتق معسرًا كان الشريك في حصته بين خيارين: إما أن يعتقلها وإما أن يستسعي العبد فيها.
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: لا يصح أن ينفرد أحدهما بعتق حصته في يساره وإعساره إلا أن يجتمعا على عتقه فيعتق عليهما، فإن تفرد أحدهما بالعتق لم يقع.
وقال الأصم وابن علية: يعتق حصة المعتق ولا يعتق عليه حصة الشريك موسرًا كان أو معسرًا. وقال أبو يوسف ومحمد: يعتق حصة الشريك على المعتق موسرًا كان أو معسرًا، واستدل أبو حنيفة بما رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير ابن نهيك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أعتق شركًا له من عبد فعليه خلاصة في ماله فإن لم يكن له مال! استسعي العبد غير مشقوق عليه».
قالوا: وهذا نص. قالوا: ولأن تنافي أحكام الحرية والرق تمنع من تبعيض الحرية والرق كما امتنع من تبعيض الزوجية إباحة وحظرًا. قالوا: ولأنه ما لم تبعض الحرية والرق في ملك الواحد. لم تبعض في ملك الاثنين.
قالوا: ولأن عتق أحد الشريكين يجعل العبد فيما يملكه من حرية نفسه كالغاصب في حق الآخر فوجب أن يستسعي في قيمة نفسه كما يؤخذ الغاصب بقيمة غصبه. ودليلنا ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أعتق شركًا له في عبد وكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه فأعتق ورق منه ما رق».
وهذا يدل على عتقه في حق الموسر دون حق المعسر، ويدل عليه ما رواه عطاء عن سعيد بن المسيب عن عمران بن الحصين، وروي سماك بن حرب عن الحسن عن عمران بن الحصين، وروي أيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن الحصين أن رجلًا