عما كلف به من أداء الرسالة، ولا يعجز عن تحمل أثقال النبوة فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره.
والقول الثاني: ليكون خلواته معهم يشاهدها من نسائه، فيزول عنه ما يوميه المشركون به من أنه ساحر أو شاعر، فيكون تحببهن إليه على وجه اللطف به.
وعلى القول الأول على وجه الابتلاء له، وعلى أي القولين كان فهو فضيلة، وان كان في غيره نقصا وهذا مما هو به مخصوص أيضا.
مسألة:
قال الشافعي: - وَقَالَ الله تَعَالَى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ} الأحزاب: 32 {فَأَبَانَهُنَّ بِهِ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ}.
قال في الحاوي: وهذا مما خص الله تعالى به رسول من الكرامات أن فضل نساءه على نساء العالمين، فقال تعالى {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ} الأحزاب: (32)، وذلك لأربعة أشياء:
أحدهما: لما خصهن الله من خلوة رسوله ونزول الوحي بينهن.
والثاني: لاصطفائهم لرسوله أزواجا في الدنيا وأزواجا في الآخرة.
والثالث: لما ضاعفه لهن من ثواب الحسنات وعقاب السيئات.
والرابع: لما جعلهن للمؤمنين أمهات محرمات فمرن بذلك من أفضل النساء، وفيه قولان:
أحدهما: من أفضل نساء زمانهم.
والثاني: أفضل النساء كلهن. وفي قوله: {إِنِ اَتَّقَيتُنَّ} تأويلان: محتملان:
أحدهما: معناه إن استدمتن التقوى فلستن كأحد من النساء.
والثاني: معناه لستن كأحد من النساء فكن أخصهن بالتقوى. فعلى التأويل الأول يكون معناه معنى الشرط. وعلى التأويل الثاني: معناه معنى الأمر، ثم قال تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} الأحزاب: 32 وفي خضوعهن بالقول خمسة تأويلات:
أحدها: فلا ترفعن بالقول وهو قول السدي.
والثاني: فلا ترخص بالقول، وهو قول ابن عباس.
والثالث: فلا تكلمن بالرفث، وهو قول الحسن.
والرابع: هو كلام الذي فيه ما يهوى المريب، وهو قول الكلبي.
والخامس: هو ما يدخل من قول النساء في قلوب الرجال، وهو قول ابن زيد. وفي