بالاكتساب والدين ضد الاكتساب فصار غير مأذون فيه فلذلك تعلق بذمته بعد عتقه والإذن بالنكاح معقودة الاستمتاع الموجب للمهر والنفقة فصار المهر والنفقة من موجبات إذنه فلذلك تعلق بكسبه دون ذمته.
فرع:
فإذا ثبت وجوب المهر والنفقة في كسبه فالمهر يستحق في كسبه بعد عتقه, والنفقة تستحق من كسبه بعد تمكنه من الاستمتاع؛ لأنهما يستحقان في الكسب الحادث بعد وجوبها, ولا يستحقان في كسب تقدمها؛ لأن الكسب لم يتعلق به إذن فصار خالصًا لسببه فلو كان العقد بمهر مؤجل استحق ذلك في الكسب الحادث بعد حلول الأجل, وإذا كان كذلك قيل للسيد: عليك أن تخلي سبيل عبدك وترفع عنه يدك ليلًا ونهارًا, أما النهار فللاكتساب الكسب والنفقة, وأما الليل فللاستمتاع بالزوجة, ثم لا سبيل لك إلى إبطال حقه في تمكين ليلًا من نفسه, ولك السبيل إلى منعه نهارًا من نفسه بالتزام المهر والنفقة؛ لأن حقه في استمتاعه ليلًا لا بدل له له فلم يسقط, ولحقه من اكتساب النهار بدل يلتزمه السيد فقط, ثم لا يخلو حال كسبه إذا مكن منه من ثلاث أقسام:
أحدهما: أن يكون بقد المهر والنفقة من غير زيادة ولا نقصان فلا حق للسيد فيه ولا عليه وقد خلص جميع كسبه له في نفقته ونفقة زوجته وكسوتها ومهرها.
والقسم الثاني: أن يكون كسبه أكثر من المهر والنفقة فللسيد الفاضل منهما.
والقسم الثالث: أن يكون المهر والنفقة أكثر من كسبه فعليه أن يخلي عليه جميع كسبه ليصرفه في المهر والنفقة ويكون حاله في الباقي عليه من المهر والنفقة كحال من لا كسب له ولا هو مأذون له في التجارة على ما سنذكره بعد.
فرع:
فلو أن سيد هذا العبد المكتسب إذا استخدمه نهارًا لزمه جميع المهر والنفقة له ولزوجته, سواء كان كسبه مساويًا لهما أو مقصورًا عنهما؛ لأنه بالاستخدام كالضامن لهما, ولو أن سيده لم يستخدمه ولكن حبسه في زمان كسبه لزم غرم المهر والنفقة, ولو حبسه غير سيده لزمه أجره مثله, والفرق بينهما أن السيد يلتزم ذلك في حق عبده فلزمه ما يستحق العبد من مهر زوجته ونفقتها, والأجنبي يضمن ذلك في حق عبده فلزمه ما يستحق العبد من مهر زوجته ونفقته, والأجنبي ذلك في حق السيد نلزمه قيمة ما استهلكه من منافعه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإن كان مأذنًا له في التجارة أعطى مما في يديه".