قال في الحاوي: وهذا القسم الثاني من أحوال العبد أن يكون مأذونًا في التجارة فيكون ما لزمه من المهر والنفقة متعلقًا بمال التجارة؛ لأن هذا المال في حق المأذون في التجارة المال الكسب في حق المكتسب لكونهما ملكًا للسيد الآذن لكن اختلف أصحابنا في المال ها هنا يقول الشافعي: أعطى مما في يديه على ثلاث أوجه:
أحدها: أن يعطيه من حال الربح المستفاد بعد وجوبه, فيعطي المهر من الربح المستفاد بعد العقد والنفقة من الربح المستفاد بعد التمكين, كما قلنا في المكتسب إنه يعطيها من كسب المستفاد بعد وجوبها.
والثاني: أنه يعطيهما من جميع ما بيده من الربح المستفاد قبل الوجوب وبعده, ولا يعطيهما من أصل المال؛ لأن جميعها نماء المال والفرق بين الكسب والربح أن كسب العمل حادث في كل يوم وليس كسب التجارة حادثًا في كل يوم.
والثالث: أنه يعطيهما من جميع ما بيده من مال التجارة من ربح وأصل؛ لأن جميع ذلك مالك للسيد وقد صار بالإذن كالمأمور يدفعهما, فتعلق الإذن لجميع ما بيده كالدين, فلو أن السيد دفع ذلك من غير مال التجارة خلص مال التجارة وربحه اليد.
فصل:
وأما القسم الثالث: من أحوال العبد فهو أن يكون غير مكتسب ولا مأذون له في التجارة؛ إما لأنه زمن لا يقدر على عمل وإما لأنه محارف محروم لا يقدر شيئًا وإن عمل فهما سواء وعلى السيد التزام نفقته وليس عليه التزام نفقة زوجته, ويقال لها: زوجك معتبر بنفقتك وأنت بالخيار في الصبر معه على إعساره أو فسخ نكاحه, فأما المهر ففيه قولان:
أحدهما: أنه في ذمة العبد يؤديه بعد عتقه ولا يؤخذ السيد به لأنه في مقابلة البضع الذي قد صار ملكًا للعبد دون السيد ومن ملك ذا بدل ملك عليه ذلك البدل وهذا أشهر القولين وأظهرهما.
والقول الثاني: أن يكون مضمونًا في ذمة سيده؛ لأن إذنه بالنكاح الذي لا ينفك من التزام المهر موجب الالتزام ذلك المهر كالديون.
فرع:
فأما إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل فإن لم يدخل بها فرق بينهما ولا مهر ولا نفقة؛ لأن فساد العقد قد أسقط ما تضمنه من العوض وإن دخل بها فرق بينهما وكان لها بالدخول مهر مثلها لوطء الشبهة لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها" وأن يكون المهر فيه قولان:
أحدهما: نص عليه في القديم والجديد أن يكون في ذمة العبد يؤديه بعد عتقه؛ لأنه