حق وجب برضي مستحق فأشبه الديون؟
والقول الثاني: خرجه أصحابنا من كلام أشار إليه الشافعي في القديم أنه يكون في رقبة عبده يباع فيه إلا أن يفديه سيده. لأنه وجب الوطء الذي هو إتلاف فأشبه الجنابة, والله أعلم.
فرع:
وإذا أذن السيد لعبده في نكاح, فنكح نكاحًا فاسدًا ففي دخوله في إذن السيد قولان:
أحدهما: أن يكون داخلًا في حكم إذنه لانطلاق الاسم على فاسده كانطلاقه على صحيحه, ولوجوب المهر في فاسد كوجوبه في صحيحه, فعلى هذا يكون محل المهر كمحله في النكاح الصحيح إن كان مكتسبًا ففي كسبه وإن كان مأذونًا له في التجارة كان فيها بيده, وإن كان غير مكتسب ولا مأذونًا له في التجارة كان على ما مضى من القولين:
أحدهما: في ذمة العبد.
والثاني: في ذمة سيده.
والقول الثاني: وهو الأصح أن النكاح الفاسد لا يكون داخلًا في جملة إذنه؛ لأن إطلاق الأمر يقتضي حمله على ما ورد به الشرع, ولأن هذا المهر ما وجب بالعقد, وإنما وجب بالوطء الذي لم يكن فيه إذن, فعلى هذا في محل هذا المهر القولان الماضيان:
أحدهما: في ذمة العبد.
والثاني: في رقبته.
فرع:
وإذا زوج الرجل عبده بأمته فليس على العبد مهر ولا نفقة؛ لأنهما لو وجبا لكانا للسيد, ولا يثبت للسيد على عبده مال, لكن اختلف أصحابنا في المهر, هل وجب بالعقد ثم سقط؟ على وجين:
أحدهما: أنه وجب بالعقد ثم سقط لئلا يكون بالموهبة التي جعلت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من دون المؤمنين.
والوجه الثاني: أنه لم يجب أصلًا, لأنه لما كان ملك السيد مانعًا من استدامة استحقاقه كان مانعًا من ابتداء استحقاقه, ألا تراه لو أتلف مال سيده لم يلزمه غرمه لا في الابتداء ولا في الاستدامة كذلك المهر ولمن قال بالأول أن ينفصل عنه بأن الأقوال قد تجوز أن تملك بغير يدل والبضع لا يجوز أن يملك إلا ببدل, فلو أن السيد بعد تزويج عبده بأمته أعتقهما معًا لم يكن له مطالبة عبده بالمهر بعد عتقه؛ لأنه ما وجب عليه بالعقد ولا للأمة بعد عتقها مطالبة الزوج ولا السيد بمهرها؛ لأنه ما وجب لها بالعقد.