بعصبة في ولاية النكاح؛ لأن ولاية النكاح يستحقها من علا من العصبات، والميراث يستحقه من وسفل من العصبات، ثم المعنى في الأب لما كان أبوة وهو الجد وليا لها كان الأب وليا، ولما كان أبو الابن وهو الزوج غير ولى لها لم يكن الابن وليا.
وأما الجواب عن استدلالهم بأن تعصيب الابن أقوى من تعصب الأب، فهو أنه أقوى منه الميراث باستحقاق الولاية في النكاح لا في ولاية النكاح، ولا يجوز أن يعتبره قوة التعصب في الميراث؛ لأن الصغير والمجنون من الأنباء يسقط في الميراث تعصيب الآباء وإن خرج من ولاية النكاح عن حكم الأب. وأما الجواب عن استدلالهم بأنة أعظم حمية وأكثر أنفة في منعها من غير حمية وأكثر أنفة في منعها من غير الأكفاء، فهذا المعنى هو الذي أبطل ولايته به، وبه استدل الشافعي فقال: "لأنه يرى نكاحها عار" يعنى أنه يدفع عن تزويجها ويراه عارا فهو لا يطلب الحظ لها في نكاح كفئها، والولي مندوب لطلب الحظ فلذلك خرج الابن عن معنى الأولياء.
فصل
فإذا تقرر أن ليس للابن تزويج أمة بالبنوة فله تزويجها بأحد أربعة أسباب:
أحدها: أن يكون عصبة لها من النسب، بأن يكون ابن ابن عمها وليس لها من هو أقرب منه فيزوجها؛ لأن بنوته إن لم تزده ضعفًا، فعلى هذا لو كان لها ابنا ابن عم أحدهما ابنها، فعلى قياس قوله في القديم هما سواء كالأخ للأب والأم مع الأخ للأب، وعلى قياس قوله في الجديد ابنها أولى لفضل إدلائه بها.
والسبب الثاني: أن يكون موالٍ لها يزوجها بولاية الولاء، فلو كان لها ابنا مولى أحدهما ابنها فعلى قولين، كالأخوين أحدهما لأب وأم والآخر لأب:
أحدهما: وهو القديم أنهما سواء.
والثاني: وهو الجديد أن ابنها يفضل ادلائه بها أولى.
والثالث: أن يكون ابنها قاضيا وليس لها عصبة مناسب فيجوز لابنة أن يزوجها بولاية الحكم.
والرابع: أن يكون وكيلًا لوليها المناسب فيجوز له أن يزوجها نيابة عنه يزوجها المستناب من الأجانب.
فصل
فإذا أعتقت المرأة أمة لها وأرادت تزويجها وكان لها أب وابن فأبوها أولى بتزويج المعتق من ابنها فلو ماتت السيدة المعتقة وخلفت أباها وابنها فولاء أمتها التي أعتقها للابن دون الأب وفي أحقهما بنكاحها وجهان:
أحدهما: أن الأب أولى بولاية نكاحها من الابن كما كان أولى بذلك في حياة سيدها.