والثاني: أن الابن بعد موت السيد أولى بنكاح المعتقة من الأب لأنة قد صار بعد الموت أملك بالولاء من الأب فصار أملك بولاية النكاح من الأب، والله أعلم.
مسالة:
قال الشافعي: "وَلَا وِلَايةَ بَعْدَ النَّسبِ إِلا لِلمُعتِقِ ثٌمَّ أَقْرَبِ النَّاسِ بِعَصَبةِ مُعتِقَها".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، قد ذكرنا أن أحق الناس بنكاح المرأة الحرة المناسبون لها من العصبات يترتبون بالقرب إليها على ما ذكرنا، فمتى وجد واحد منهم وإن بعد فهو أحق الناس بنكاحها، وإن عدموا جميعًا قام المولى المعتق في نكاحها مقام الأولياء المناسبين من عصبتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل"، ولأن المولى المعتق قد أفادها بالعتق ما أفادها الأب الحر من زوال الرق حتى صارت مالكة ووارثة وموروثة ومعقولًا عنها، فاقتضى أن تحل محل الأب والعصبات في ولاية نكاحها. فمتى وجد المولى المعتق بعد فقد العصبات كان أحق الناس بنكاحها، فإن عدم فعصبة المولى يترتبون في ولاية نكاحها على مثل ما يترتبون عليه في استحقاق ولائها وميراثها، فيكون ابن المولى ثم بنوه أحق بولائها وولاية نكاحها من الأب، ثم الأب بعد البنين وبنيهم ثم فيمن يستحق بعد الأب من أهل الدرجة الثانية ثلاث أقاويل:
أحدها: الأخوة ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الجلد.
والثاني: الجد ثم الأخوة ثم بنوهم وإن سفلوا.
والثالث: الأخوة ثم الجد ثم بنو الإخوة ثم فيمن يستحقها من الدرجة الثالثة ثلاثة أقاويل:
أحدها: الأعمام ثم بنوهم وإن سفلوا ثم أبو جد.
والثاني: أبو الجد ثم الأعمام ثم بنوهم وإن سفلوا.
والثالث: الأعمام ثم أبو الجد، ثم بنو الأعمام وإن سفلوا ثم يترتبون في الدرجة الرابعة وما بعدها على ما ذكرنا حتى جميع عصبات المولى، فإن عدموا فمولى المولى ثم عصبته على ما ذكرنا، فإن لم يبق من الموالى المعتقين وعصباتهم أحد وكانت المرأة العادمة للعصبات حرة لا ولاء عليها فالسلطان ولى من لا ولى له وهو الناظر في الأحكام فتكون له الولاية على الأرامل والأيتام.