«ولا 39 أ/ 2 يبلغ بتأخيرها آخر وقتها حتى يصليها معاً، يعني: الظهر مع العصر من يصيبها، وينصرف منها قبل آخر وقتها».
وقال أيضاً: «يصليها في وقت إذا فرغ منها يكون بينه وبين آخر الوقت فصل».
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا ينبغي أن يبلغ بالتأخير نصف الوقت، وهذا صحيح موافق للنص الذي ذكرنا. وقيل: يؤخر إلى أن يحصل فيء ويمشي فيه القاصد إلى الصلاة، وهذا قريب مما تقدم، والأصل في هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب قد أكل بعضي بعضاً، فأذن لها في نفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر من حرها وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم»، وقوله: فيح جهنم معناه سطوع حرها وانتشاره، يقال: مكان أفيح، أي: واسع.
وقيل: هذا في الحقيقة من وهج حر جهنم. وقيل: خرج هذا الكلام مخرج التقريب، أي: كأنه نار جهنم في الحر فاحذروها، فإن قيل. روى خباب بن الأرت قال: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة حر الرمضاء، فلم يشكنا»، وهذا يدل على أنه لم يجوز لهم التأخير لشدة الحر.
وقال جابر رضي الله عنه: «كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصباء لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدة الحر». قلنا: يحتمل أنه لا يزول ذلك بالإبراد وإنما يزول بالسترة ويحتمل أن يكون رخص بعد ذلك وأمر بالإبراد.
وقال مالك: الأفضل أن يؤخرها أبداً حتى يصير الفيء قدر ذراع لأن الناس يكونون في أشغالهم فإذا أخرت قليلاً اجتمع لها الناس، وهذا غلط لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يصلي الظهر حين ترجع الشمس». وأما ما قاله لا يصح لأنه لو صح لكان يؤخرها إلى وسط الوقت ليكثر الناس 39 ب/ 2.
وقال أبو حنيفة: «تأخيرها أبداً إلا الظهر في الشتاء»، وهذا غلظ لما ذكرنا.