والثاني: أن يتزوجها من حكام الوقت لولايتهم. وإن كانت منه فهم بخلاف وكلائه. ولأنه نائب عن كافة المسلمين في تقليد الحكام ونائب عن نفسه في تقليد الوكلاء، ألا تراه لو مات بطلت ولاية وكلائه وأن تبطل ولاية حكامه. ولذلك تحاكم عمر وأبي بن كعب إلى زيد وحاكم عليّ يهود إلى شريح.
فرع:
ولو أراد الولي أن يزوج وليته بابنه، كولي هو عم فأراد أن يزوج بنت أخيه بابنه، فإن كانت صغيرة لم يجز؛ لأن الصغيرة لا يزوجها غير أبيها أو جدها، وإن كانت كبيرة فاجتمع البذل والقبول من جهته فلم يصح أن يتزوجها لنفسه لحصول البذل والقبول منه من جهته، وإن كان ابنه كبيرًا ففي جواز تزويجه بها وجهان:
أحدهما: يجوز لأنه وإن كان باذلاً فالقابل غيره وهو الابن فلم يجتمع البذل والقبول من جهة واحدة.
والثاني: لا يجوز أن يزوجه بها؛ لأنه يميل بالطبع إلى طلب الحظ لأبنه دونها، كما لم يجز أن يتزوجها بنفسه لهذا المعنى. فأما الجد إذا أراد أن يزوج بنت ابنه بابن ابن له آخر، فإن كانا كبيرين جاز لاعتدال السببين في ميله إليهما وطلب الحظ لهما، وإن كانا صغيرين فعلى وجهين مضيا:
أحدهما: يجوز لهذا المعنى.
والثاني: لا يجوز لاجتماع البذل والقبول من جهته.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيَُ: "وَيُزَوِّجُ الأَبُ أَوْ الجَدُّ لابْنَتِهِ الَّتِي يُؤيَسُ مِنْ عَمَلِهَا؛ لأَنَّ لَهَا فِيهِ عَفَافًا وَغِنَى وَرُبَّمَا كَانَ شِفَاءُ سَوَاءَ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ نَبْيَا".
قال في الحاوي: وهذه المسألة قد مضت فيما قدمناه من التقسيم فإذا كانت مجنونة لم يخل حالها من أحد أمرين:
إما أن تكون بكرًا أو ثيبًا، فإن كانت بكرًا زوجها أبوها أو جدها صغيرة كانت أو كبيرة؛ لأن للأب إجبار البكر في حال العقل، فكان أولى أن يجبرها في حال الجنون، فإن لم يكن لها أب ولا جد نظر، فإن كانت صغيرة لم يكن لأحد أوليائها ولا الحاكم أن يزوجها حتى تبلغ، فإذا بلغت زوجها الحاكم دون عصبتها المناسبين لاختصاصه بفضل النظر في الولاية على مالها، فإن كانت ثيبًا نظر، فإن كانت كبيرة زوجها أبوها أو جدها، فإن لم يكن لها أب ولا جد زوجها الحاكم دون سائر العصبات وإن كانت صغيرة ثيبًا فليس لغير الأب والجد تزويجها حتى تبلغ. وهل للأب والجد تزويجها قبل