البلوغ أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يجوز حتى تبلغ لأنه لا حاجة بها إلى الزوج قبل البلوغ وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة.
والثاني: أنه يجوز تزويجها قبل البلوغ بخلاف العاقلة التي يرجى صحة إذنها بالبلوغ ولا يجري صحة إذن المجنونة بعد البلوغ فافترقا فأما قوله فإن لها فيه عفافًا وغنى وربما كان شفاء، فهذا تعليل بجواز تزويج البالغ المجنونة. فأما العفاف فيريد به من الزنا. وأما الغني فتغنى باكتساب المهر والنفقة وأما الشفاء فربما كان من شدة المانخوليا وقوة الشبق فتبرأ إن جومعت، والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيَُ: "وَيُزَوِّجُ المَغْلُوبَ عَلَى عَقْلِهِ أَبُوهُ إِذَا كَانَتْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ، وابْنُهُ الصَّغِيرُ فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ مَخْبُولاً كَانَ النّكَاحُ مَرْدُودًا لأًنَّهُ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: لا يخلو حال الابن إذا أراد الأب أن يزوجه من أحد حالين:
إما أن يكون عاقلًا أو مجنونًا، فإن كان عاقلاً لم يخل حاله من أن يكون بالغًا أو صغيرًا، فإن كان بالغًا فلا ولاية عليه للأب في نكاحه فإن زوجه بغير إذنه كان النكاح باطلاً، حتى يكون هو المتولي للعقد، أو الآذن فيه وإن كان صغيرًا جاز للأب تزويجه في صغره، فإن ابن عمر زوج ابنًا له وهو صغير، ولأنه محتاج إليه في الأغلب إذا بلغ فعجل الأب له بذلك ليألف صيانة الفرج، وربما رغب الناس فيه لكافلة الأب فإن زوجه واحدة لزمه نكاحها وليس له بعد البلوغ خيار، فإن أراد الفراق فبالطلاق، وإن أراد الأب تزويجه بأكثر من واحدة ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأن له في الواحدة غناء
والثاني: وقد حكي عن الشافعي نصًا أنه يزوجه تمام أربع؛ لأن معنى الواحدة موجود فيهن، وإن كان الابن مجنونًا فله حالتان:
صغير وكبير، فإن كان صغيرًا لم يكن للأب تزويجه لعدم حاجته باجتماع جنونه مع صغره. وإن كان للأب تزويج بنته الصغيرة المجنونة والفرق بينهما أن البنت قد تكتسب بالتزويج المهر والنفقة والابن ملتزمهما وإن كان الابن بالغًا فإن لم يكن به إلى التزويج حاجة لم يزوجه وإن كان محتاجًا وحاجته تكون من أحد وجهين:
إما أن يرى متوثبًا على النساء لكثرة شهوته وقوة شبقه. وإما أن يحتاج إلى خادم وخدمه الزوجة أرفق به لفضل حنوها وكثرة شفقتها فيجوز له حينئٍذ تزويجه بواحدة لا