يزيده عليها؛ لأن له فيها غناء، فإن أفاق من جنونه كان النكاح على لزومه.
فأما المعنى عليه فلا يجوز للأب تزويجه؛ لأن الإغماء مرض يرجى سرعة زواله بخلاف الجنون فأما الذي يجن في زمان ويفيق في زمان فليس للأب تزويجه لاسيما إن كان زمان إقامته أكثر. لأنه قد يقدر على العقد في زمان الإفاقة.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَيْسَ لأَبِ المَغْلُوبِ عَلَى عَقُلِهِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَ ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا زوج الأب ابنه المجنون أو تزوج الابن وهو عاقل ثم جن فليس للأب أن يخالع عنه؛ لأن الخلع لا يتم إلا بالطلاق، والطلاق لا يقع إلا من الأزواج.
روى ابن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني زوجت عبدي امرأة وأريد أن أطلقها منه، فقال: "ليس لك طلاقها، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق؛ ولأن الطلاق إزالة ملك يقف على شهوات النفوس لا يراعى فيه الأصلح والأولى؛ لأنه قد يطلق العفيفة والجميلة ويملك الفاجرة القبيحة، فلم يجز أن يراعى فيه شهوة غير المالك؛ لأن تصرف الولي في حق غيره يعتبر فيه المصلحة دون الشهوة فلذلك لم يكن للولي أن يطلق على المولى عليه، وجاز أن يبيع ماله عليه اعتبارًا بالمصلحة فيه فافترقا. وإذا لم يكن للأب أن يطلق على ابنه الصغير أو المجنون فكذلك العبد لا يجوز أن يخالع عليه؛ لأنه معاونه على طلاق لا يصح منه، والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلاَ يَضْربَ لامْرَأَتِهِ أَجَلَ العَنّينِ لأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ثَيْبًا فَالقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ بِكْرًا لَمْ يُعْقَلْ أَنْ يَدْفَعَهَا عَنْ نَفْسِهِ بِالقَوْلِ أَنَّهَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا ادعت امرأة المجنونة عليه العنة لم تسمع دعواها عليه؛ لأنه لا حكم لقوله ولا على وليه؛ لأن ثبوته يوجب حقًا على غيره؛ ولأن صدقها الولي على عنته جاز أن يضرب لها أجل العنة؛ لأنه لو كان عاقلاً جاز أن ينكرها، وهكذا لو كان الزوج عاقلاً فيضرب لها أجل العنة، ثم حين قبل انقضاء المدة لم يجز إذا انقضت المدة وهو على جنونه أن يخير في فسخ نكاحه، لأنه لو كان عاقلاً لجاز أن يدعي وطئها إن كان ثيبًا، ومنها إن كانت بكرًا، فيكون القول قوله في الحالين: