تتعلق بالبذل ولا بالقبول ولكن لو قال: قد زوجتكها على أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان صح العقد ولم يكن ذلك قطعًا، لأنه وإن تضمن صفة الوصية فهو بيان لحكم البذل والقبول.
والثالث: أن يكون الولي عند قبول الزوج من أهل العقد، فإن قبل الزوج وقد مات الولي أو جن أو أغمي عليه لم يصح العقد لبطلان بذلك بخروجه من أهل العقد.
فإذا تكاملت شروط العقد على ما وصفنا فقد انعقد بإجزاء لا يثبت فيه لواحد من الزوجين خيار المجلس بالعقد ولا خيار الثلاث الشروط بخلاف البيع، لأن الخيار موضوع لاستدراك المعاينة في الأعواض وليس النكاح من عقود المعاوضات لجوازه مع الإخلال بذكر العوض من الصداق، فإن شرط فيه خيار الثلاث أبطله.
وقال أبو حنيفة: يبطل الخيار ولا يبطل النكاح. وهذا خطأ لأن الشروط المنافية للعقود تبطلها كالشروط في سائر العقود، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وأحب أن يقدم بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسوله عليه الصلاة والسلام والوصية بتقوى الله ثم يخطب وأحب للولي أن يفعل مثل ذلك وأن يقول ما قال ابن عمر: أنكحتك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
قال في الحاوي: أعلم أن خطبة النكاح قيل الخطبة سنة مستحبة وليست بواجبة.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام، وداود بن علي: خطبة النكاح واجبة استدلالًا برواية الأعرج عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر". ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عقد لنفسه نكاحًا إلا بعد خطبة، فكان الخاطب في تزويجه خديجة عمة أبا طالب، وكان الخاطب بتزويجه بعائشة طلحة بن عبد الله، وزوج فاطمة بعلي فخطبا جميعًا. ولأنه عمل مقبول قد اتفق عليه أهل الأمصار في جميع الأمصار فكان إجماعًا لا يسوغ خلافًا، ولأن ما وقع به الفرق بين ما يستبشر به من الزنا ويعلن من النكاح كان واجبًا في النكاح كالولي والشهود.
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من استحبابها دون وجوبها هو قول جمهور الفقهاء قول الله تعالى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أَهْلِهِنَّ} النساء،25، فجعل الإذن شرطًا دون الخطبة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج الواهبة لنفسها من خاطبها قال: "قد زوجتكها بما معك من القرآن" فلم يخطب.