(وروي) أن رجلًا من بني سليم خطب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب فأنكحه ولم يخطب.
وروى أن الحسن بن علي رصي الله عنها زوج بعض بنات أخيه الحسن وهو يتعرق عظمًا أي لم يخطب تشاغلًا به.
وروى أن ابن عمر زوج بنته فما زاد على أن قال: قد زوجتكها على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولأن الخطبة لو وجبت في النكاح لبطل بتركها. وفي إجماعهم على صحة النكاح تركها دليل على استحبابها دون وجوبها، ولأن النكاح عقد فلم تجب فيه الخطبة كسائر العقود. فأما الاستدلال بالخبر فلم يخرج مخرج الأمر فيلزم، وإنما أخبر أنه أبتر وليس في هذا القول دليل على الوجوب على أن للخبر سبب هو محمول عليه قد ذكرناه في أول الكتاب.
وأما استدلالهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عقد نكاحًا إلا بعد خطبة فقد قيل: إنه نكح بعض نسائه بغير خطبة، وقد زوج الواهبة بغير خطبة، وليس ما استدلوا به من العمل المنقول إجماعًا لما روينا من خلافه، فلم يكن فيه دليل ولا في كونها فرقًا بين الزنا والنكاح دليل على وجوبها كالولائم.
فصل:
فإذا ثبت استحباب فهي مشتملة على أربعة فصول:
أحدها: حمد الله والثناء عليه.
والثاني: الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم.
والثالث: الوصية بتقوى الله وطاعته.
والرابع: قراءة آية، والأولى أن تكون مختصة بذكر النكاح كقوله تعالى: {وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ} النور: 32 وكقوله: {وهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا} الفرقان: 54 الآية، فإن قرأ آية لا تتعلق بذكر النكاح جائز، لأن المقصود بها التبرك بكلام الله تعالى.
وقد رويت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول فيها: "الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وأن محمدًا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} الأحزاب: 70، 71 الآية إلى آخرها.
وروى عن علي بن أبي طالب - رضوان الله تعالى عليه - أنه خطب فقال: المحمود