بأن قال: إذا نخطئ لأن الله تعالى أحلها بإصابة زوج فقال الشافعي: وكذلك ما حرم في كتابه بنكاح زوج وإصابة زوج فأورد أول السؤال نقصًا ثم يبين أنهم قد جعلوا بين الجماعين فرقًا؛ لأن الحق الجماع الحرام بالجماع الحلال من حيث جمعهما بالاسم فعارضه بتحليلها للزوج بالجماع الحرامك قياسًا على الجماع الحلال لاجتماعهما في الاسم فأقر بتخطئة قائله فصار نقضًا واعترافًا بأن اجتماعهما في الاسم ليس بعلة في الحكم ثم حكي الشافعي سؤالًا استأنف مناظره.
فقال: قال لي: أفيكون شيء يحرمه الحلال لا يحرمه الحلال أقول به فأجابه الشافعي عن هذا بأن قال: نعم ينكح أربعًا فيحرم عليه أن ينكح من النساء خامسة فيحرم عليه إذا زنا بأربع شيء من النساء.
قال المناظر: لا يمنعه الحرام ما منعه الحلال فكان هذا منه زيادة اعتراف تفرق ما بين الحلال والحرام ثم إن الشافعي حكي عنه استئناف سؤال يدل على أن الحرام قد يحرم الحلال وهو أن ترتد المرأة فتحرم بالردة على زوجها فلو يمتنع أن يكون الحرام محرمًا للحلال. فأجابه الشافعي رضي الله عنه بأن قال: نعم تحرم عليه وعلى جميع الناس واقتلها واجعل مالها فيئًا يريد بذلك أن تحرم الردة عام ولا تختص بتحريم النكاح وإنما دخل فيه تحريم النكاح تبعًا فجاز أن يكون مخالفًا لحكم ما يختص بتحريم النكاح، والله أعلم.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفناهن الزنا لا يحرم النكاح فجاءت الزانية بولد من زنا كان ولد الزانية دون الزاني لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش والعاهر الحجر" وإنما لحق بها دونه لأنه مخلوق متهمًا عيانًا ومن الأب ظنًا فلحق بها ولد الزنا والنكاح لمعاينة وضعها لهما ولحق بالأب ولد النكاح دون الزنا لغلبة الظن بالفراش في النكاح دون الزنا وإذا لم يلحق ولد الزنا بالزاني وكانت ثيبًا جاز للزاني أن يتزوجها عن الشافعي وإن كره له أن يتزوجها واختلف أصحابنا في معنى الكراهية.
فقال بعضهم: لاختلاف الفقهاء في إباحتها وكره استباحته مختلف فيها. وقال آخرون: بل كره نكاحها لجواز أن يكون مخلوقة من مائه. وقال أبو حنيفة: قد حرم على الزاني نكاحها واختلف أصحابه في معنى تحريمها فقالوا متقدموهم: لأنها بنت امرأة قد زنى بها فتعدى تحريم المصاهرة إليها فعلى هذا يكون فرعًا على الخلاف الماضي.
وقال متأخروهم: بل حرمت لأنها بنته مخلوقة من مائه فعلى هذا يكون خلافًا مستأنفًا واستدلوا فيه بقول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وبَنَاتُكُمْ} النساء: 23 وهذه بنته؛ لأن العرب تسميها بنتًا ولا يعتبر عقد نكاح.
قالوا: ولأنها مخلوقة من مائه في الظاهر فوجب أن تحرم عليه كالمولودة من زوجة أو أمة ولأن ولد الزنا مخلوق من ماء الرجل الزاني والزانية فلما حرم ولد الزنا على