الزانية وجب أن يحرم على الزاني قياسًا على ولد الشبهة.
ولأنها مخلوقة من مائه فلم يكن نفيها عنه يمانع من تحريمها عليه قياسًا على ولد الملاعنة.
ودليلنا: هو أن تحريم الولد حكم من أحكام النسب فوجب أن ينتفي عن ماء الزاني كالميراث ولأنه لما كان لحوق النسب بالزانية يوجب أن يتبعه التحريم كما تبعه الميراث وقد يتحرر هذا الاعتلال قياسان:
أحدهما: أن تحريم نسب فوجب أن يكون تابعًا للسب كاتباعه في حق الأم.
والثاني: أنه تابع للنسب والثبوت فوجب أن يكون تابعًا له في النفي كالميراث ولا مدخل على هذا ولد الملاعنة لما سنذكره ولأن ولد الزنا لو حرمت على الزاني بالنبوة لحرمت على أبيه وابنه بحكم النبوة والإخوة وفي إباحتها لهما دليل على إباحتها للزاني. فأما استدلالهم بالآية فليست هذه من بناته فتدخل في آية التحريم كما لم تكن من بناته في آية المواريث بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ} النساء: 11 الآية.
وأما قياسهم أنها مخلوقة من مائه فهذا غير معلوم فلم يسلم ثم لما لم يمنع خلقها من مائه أن لا يتعلق به نسب ولا ميراث لم يمنع أن يتعلق به تحريم. فأما قياسهم على ولد الشبهة فالمعنى فيه: أنه لما ثبت نسبه وميراثه ثبت تحريمه وولد الزنا بخلافه.
فأما قياسهم على ولد الملاعنة فالحكم في ولد الملاعنة أنه إن كان قد دخل بأمها حرمت عليه أبدًا لأنها بنت امرأة قد دخل بها وإن كان قد دخل بها ففي تحريمها عليه وجهان حكاهما أبو حامد الإسفراييني:
أحدهما: لا يحرم عليه كولد الزنا فعلى هذا بطل القياس.
والثاني: أنها تحرم عليه لأنه لو اعترف بها بعد الزنا لحقت وولد الزنا لو اعترف به لم يلحق فصار ولد الزنا مؤبدًا ونفي ولد الملاعنة غير مؤبد فافترقا في النفي فكذلك ما افترقا في الحكم.
باب نكاح حرائر أهل الكتاب وإمائهم وإماء المسلمينمسألة:
قَالَ الشَّافِعَيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَأَهْلُ الكِتَابِ الَّذِينَ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى دُونَ المَجُوسِ وَالصَّابِئُونَ وَالسَّاحِرَة ُمِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُخلِفُونَهُمْ فِي أَصْلِ مَا يُحِلٌّونَ مِنَ الكِتَابِ وَيُحَرِّمُونَ فَيُحَرَّمُونَ كَالمَجُوسِ وَإِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَهُمْ عَلَيْهِ ويَتَأَوَّلُونَ فَيَخْتَلِفُونَ فَلَا يُحَرِّمُونَ".