فأما قوله: إن حكم المرفوع والمنسوخ سواء فليس بصحيح؛ لأن المنسوخ باقي التلاوة فنفيت حرمته فيهم وليس كذلك المجوس وأما المرفوع مرفوع التلاوة فارتفعت حرمته هذا الكلام فيمن له شبهة بكتاب من الصابئين، والسامرة والمجوس.
فأما من تمسك بصحف شيث أو زبور داود أو شيء من الصحف الأولى أو من زبر الأولين فلا يجري عليه حكم أهل الكتاب ويكونوا كمن لا كتاب له فلا تقبل لهم جزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح فيهم امرأة لأمرين:
أحدهما: أن هذه الكتب مواعظ ووصايا وليس فيها أحكام وفروض فخالفت التوراة والإنجيل.
والثاني: ليس كلام الله وإنما هي وحي منه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من تبعني أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية. فكان ذلك وحيًا من الله ولم يكن من كلامه فخرج عن حكم القرآن الذي تكلم به كذلك هذه الكتب والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فَإِذَا نَكَحَهَا فَهِيَ كَالمُسْلِمَةَ فِيمَا لَهَا وَعَلَيْهَا إِلاَّ أَنَهُمَا لاَ يَتَوَارَثَانِ وَالحَدَّ فِي قَذْفِهًا التَّعْزِيزُ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا أنكح المسلم كتابية مما لها وعليها من حقوق العقد كالمسلمة لعموم قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 228 ولأنه عقد معاوضة فاستوى فيه المسلم وأهل الذمة كالإجارات والبيوع وإذا كان كذلك فالذي لها عليه من الحقوق المهر والنفقة والكسوة والسكنى والقسم والذي له عليها من الحقوق تمكينه من الاستمتاع وأن لا تخرج من منزله إلا بإذنه وهذه هي حقوق الزوجين بين المسلمين وكذلك المسلم والذمية.
فأما أحكام العقد فهي الطلاق والظهار والإيلاء واللعان والتوارث وكل هذه الأحكام في العقد على الذمية كما في العقد على المسلمة إلا في شيئين:
أحدهما: أنهما لا يتوارثان لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم".
والثاني: أن الحد في قذفها التعزير؛ لأن الإسلام شرط في حصانة القذف برواية