نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أشرك بالله فليس بمحصن". فإن أراد أن يلاعن ليسقط به هذا التعزير جاز لأن التعزير ضربان:
الأول: تعزير أذى لا يجب.
والثاني: وتعزير قذف يجب.
فتعزير الأذى يكون في قذف من لا يصح منها الزنا كالصغيرة والمجنونة فلا يجب ولا يجوز فيه اللعان وتعزير القذف يكون في قذف من يصح منها الزنا ولم تكمل حصانتها كالأمة والكافرة فيجب ويجوز فيه اللعان فأما ما سوى هذين الحكمين من الطلاق والظهار والإيلاء والرجة فهي جمعيه كالمسلمة.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيَّ: "وَيَجْبِرُهَا عَلَى الغُسْلِ مِنَ الحَيُضِ وَالجَنَابَةِ".
قال في الحاوي: وأما إجبار الذمية على الغسل من الحيض فهو من حقوق الزوج؛ لأن الله تعالى حرم وطء الحائض حتى تغتسل بقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} البقرة:222 وكان للزوج إذا منعه الحيض من وطئها أن يجبرها عليه ليصل إلى حقه منه. فإن قيل: الغسل عندكم لا يصح إلا منه ولا فرق عندكم بين من لم ينو ومن لم يغتسل مع الكفر والإجبار لا تصح منها نية.
قيل: في غسلها من الحيض حقان:
أحدهما: لله تعالى لا يصح إلا بنية.
والآخر: للزوج يصح بغير نية فكان له إجبارها في حق نفسه لا في حق الله تعالى فلذلك أجزى بغير نية ألا ترى أنه يجبر زوجته المجنونة على الغسل في حق نفسه وإن لم يكن عليها في حق لله تعالى غسل وغير ذات الزوج تغتسل في حق الله تعالى، وإن لم يكن للزوج عليها حق كذلك تجبر الذمية على الغسل من النفاس لأنه يمنع الوطء كالحائض فأما إجبار الذمية على الغسل من الجنابة ففيه قولان:
أحدهما: لا يجبرها عليه بخلاف الحيض، لأنه قد يستبيح وطء الجنب ولا يستبيح وطء الحائض فافترقا في الإجبار.
والقول الثاني: أنه يجبرها عليه وإن جاز وطئها مع بقائه لأن نفس المسلم قد تعاف وطئ من لا تغتسل من جنابة. فكان له إجبارها عليه ليستكمل به الاستمتاع وإن كان الاستمتاع ممكناً فأما الوضوء من الحدث فليس له إجبارها عليه قولاً واحداً لكثرته وأن النفوس لا تعافه وإنه ليس يصل إلى وطئها إلا بعد الحدث فلم يكن لإجبارها عليه تأثير.