عليه لقلة عفافه أو كان ممن لا يقدم عليه لتحرجه وعفافه في أن خوف العنت فيهما شرط في إباحة نكاح الأمة لهما.
فأما إذا خاف العنت من أمة بعينها أن يزنى بها إن لم يتزوجها لقوة ميله إليه وحبه لها فليس له أن يتزوجها إذا كان واجدًا للطول لأننا نراعى عموم العنت لا خصوصه، والله أعلم.
فصل:
فإذا ثبت أن نكاح الحر للأمة معتبر بما أوضحناه من الشروط الثلاثة فليس إذا استكملت فيه أن ينكح أكثر من أمة واحدة. وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز أن ينكح منهن أربعًا كالحرائر استدلالًا بقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء: 25 فأطلق ملك اليمين إطلاق جمع فحمل على عمومه في استكمال أربع كالحرائر ولأن كل جنس حل نكاح الواحدة منه حل نكاح الأربع من كالحرائر طردًا والثنيات عكسًا ولأن كل من جاز أن يتزوج بأكثر من حرة واحدة جاز له أن يتزوج بأكثر من أمة واحدة كالعبد.
ودليلنا قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} النساء: 25 وهذا إذا تزوج أمة واحدة منذ أمن العنت فلم يجز أن يتزوج بأمة قياسًا على ما تحته من الحرائر أخرى ولك تحر هذا قياسًا فنقول: إنه حر أمن العنت فلم يجز أن يتزوج بأمة قياسًا على من تحته حرة وإن شئت قلت حر قادر على وطء بنكاح قياسًا على هذا الأصل، ولأنه محظور إلا عند الضرورة فلم يستبح منه إلا ما دعت إليه الضرورة كأكل الميتة.
فأما الاستدلال بالآية فلا يقتضى إلا أمة واحدة لأنه قال: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء: 25 فلما كان المراد بالحرائر المحصنات واحدة وجب أن يكون المارد بما في مقابلتهم من الإماء واحدة وعلى أن الأمة يدل من الحرة، ولا يجوز أن يكون البدل أوسع حكمًا من المبدل.
وأما قياسهم على الحرائر فالمعنى فيهن: جواز العقد عليهن بغير ضرورة، ولأنه لا يسترق ولده فيدخل عليه باسترقاق ضرر فخالف نكاح الإماء على هذين الوجهين. وأما الجواب عن قياسهم على العبد فهو أنه يجوز أن ينكح الأمة لغير ضرورة وليس عليه استرقاق ولده ضرر فخالف من هذين الوجهين فعلى هذا لو تزوج أمتين ثبت نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية، فإن تزوجها في عقد واحد بطل نكاحهما؛ لأن إحداهما إن حلت فهي غير معنية، فصار كمن تزوج أختين بطل نكاح الثانية إن زوجها في عقدين وبطل نكاحهما إن تزوجهما في عقد واحد.
فصل:
وإذا قد مضى الكلام في نكاح الأحرار للإماء انتقل الكلام إلى نكاح العبيد لهن