فيجوز للعبد أن ينكح الإماء مطلقًا من غير شرط، فينكحا وغن أمن العنت أو كان تحته حرة.
وقال أبو حنيفة: هو كالحر لا يجوز أن ينكح الأمة إذا كان تحته حرة استدلالًا بأن من تحته حرة فهو ممنوع من نكاح الأمة كالحر.
ودليلنا قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} فخص الأحرار بتوجيه الخطاب إليهم ثم قال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} فخصهم به أيضًا فاقتضى أن يكونوا مخصوصين بهذا المنع ويكون العبد على إطلاقه من غير منع، ولأن من جاز له أن ينكح امرأة من غير جنسه جاز له أن ينكح عليها امرأة من جنسه، كالحر إذا نكح أمة يجوز له أن ينكح عليه حرة.
فأما قياسه على الحر فمنع منه النص، ثم المعنى في الحر أنه يلحقه في نكاح الأمة عار لا يلحق العبد.
فإذا تقرر هذا كان للعبد أن ينكح أمة على حرة وأن يجمع في العقد الواحد بين أمة وحرة وأن يجمع بين أمتين كما يجمع بين حرتين والله أعلم.
مسألة:
قَال الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "فَإِن عَقَدَ نِكَاَح حُرّةٍ وَأَمَةٍ مَعًا، قيلَ: يَثبُتُ نِكَاحُ الحُرُّةِ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الأمَةِ. وَقِيلَ: يَنْفَسِخَانِ معًا. وَقَالَ في القَدِيم نِكَاحُ الحُرّة جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوّجَ مَعَهَا أُخْتَهُ مِنَ الرّضَاعِ كَأَنّهَا لَمْ تَكُنْ. قَالَ الُمزَنَيُّ رَحِمَهُ اللهُ: هَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحّ في أَصْل قَوْلِهِ؛ لأَنّ النّكَاَحَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يَفْسِد بِغَيْرِهِ فَهي في مَعْنَى مَنْ تَزَوّجَهَا قِسْطًا مَعَهَا مِنْ خَمْرٍ بِدِينَارٍ فَالنكَاح ُوَحدْهُ ثَابِت وَالقِسطُ الخَمْرِ والَمهْرِ فَاسِدَانِ"
قال في الحاوي: وصورة هذه المسألة فيمن يحل به نكاح الأمة يزوج بحرة وأمة فهذا على ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يتزوج الأمة ثم يتزوج بعدها حرة فنكاحهما صحيح؛ لأنه نكح الأمة على الشرط المبيح، ونكح الحرة بعد الأمة صحيح.
وقال أحمد بن حنبل: يصح نكاح الحرة ويبطل به ما تقدم من نكاح الأمة، كما لو تقدم نكاح الحرة، وهذا لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة" وهذا نص ولأنه عقد نكاح فلم يبطل ما تقدمه من النكاح كما لو نكح حرة على حرة.
والثاني: أن يتزوج بالحرة ثم يتزوج بعدها بالأمة فنكاح الحرة صحيح ونكاح الأمة بعدها باطل لأن الأمة لا يجوز أن يتزوجها وتحته حرة وعند مالك يجوز نكاح الأمة بعد