الحرة ثانيًا إذا كان عادمًا للطول خائفًا للعنت وقد مضى الكلام معه.
والثالث: أن يتزوجهما معًا في عقد واحد فنكاح الأمة باطل؛ لأنه قد صار بعقده عليها مع الحرة قادر على نكاح حرة، وهل يبطل نكاح الحرة أم لا؟ مبنى على تفريق الصفقة في البيع إذا جمع العقد الواحد حلالًا وحرامًا، كبيع خل وخمر في عقد واحد، أو بيع حر وعبد في عقد واحد فيبطل البيع في الحرام وفي بطلانه في الحلال قولان:
أحدهما: وهو قول في القديم، واحد قوليه في الجديد أنه لا يبطل في الحلال تعليلًا بأن لكل واحد منهما في الجمع بينهما حكم في انفرادها فعلى هذا يكون نكاح الحرة جائزًا وإن كان نكاح الأمة باطلًا.
والثاني: وهو أحد قوليه في الجديد أن البيع يبطل في الحلال لبطلانه في الحرام، فاختلف أصحابنا في تعليل هذا القول على وجهين:
أحدهما: أن العلة فيه أن اللفظة الواحدة جمعت حلالًا وحرامًا، فإذا بطل بعضها انتقضت فعلى هذا يبطل نكاح الحرة، كما بطل نكاح الأمة؛ لأن لفظ العقد عليهما واحد.
والثاني: أن العلة فيهما الجهالة بثمن الحلال؛ لان ما قبل الحرام من الثمن مجهول، فصار ثمن الحلال به مجهولًا، فعلى هذا يبطل به من العقد ما كان موقوف لصحة على الأعواض، كالبيع والإجارة الذي لا يصح إلا بذكر ما كان معلومًا من ثمن أو أجرة، فأما العقود التي لا تقف صحتها على العوض كالنكاح والهبة والرهن فيصح الحلال منها، وإن بطل الحرام المقترن بها فيكون نكاح الحرة صحيحًا وإن بطل نكاح الأمة، وفيما يستحقه من المهر قولان:
أحدهما: مهر المثل وإبطال المسمى.
والثاني: قسط مهر مثلها من المهر المسمى بناء على اختلاف قولين فيمن نكح أربعًا في عقد على صداق واحد فأما الزنى فإنه اختار أصح القولين وهو تصحيح نكاح الحرة مع فساد نكاح الأمة إلا أنه استدل لصحته بمثال صحيح وحجاج فاسد.
أما المثال الصحيح فهو قوله: "وكذلك لو تزوج معها أختها من الرضاعة"؛ لأنه إذا جمع في العقد الواحد بين أختها وأجنبية كان لجمعه بين حرة وأمة في عقد واحد فيبطل نكاح أخته وفي نكاح الأجنبية قولان.
وأما الحجاج الفاسد فهو قوله: "فهي في معنى من تزوجها وقسطًا معها من خمر بدينار فالنكاح وحده ثابت والقسط من الخمر فاسد" واختلف أصحابنا في وجه فساد هذا الاعتلال والاحتجاج على وجهين:
أحدهما: وهو قول البغداديين أن وجه فساده أنه إذا زوجه رزقًا من خمر بدينار فهما عقدان بيع ونكاح كأن يقول: بعتك هذا الخمر وزوجتك هذه المرأة بدينار فلم يجز أن يحتج بالعقدين في صحة أحدهما وفساد الآخر على العقد الواحد في أن فساد بعضه لا