جذام عرض به فانتشر وزاد حتى صار كثيرًا لم يكن له خيار؛ لأن الراضي بقليله راضٍ بكثيرة ولأن قليله في الغالب يصير كثيرًا ولو ظهر بها برص في غير المكان الأول فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون الثاني أقبح منظرًا من الأول كأنه كان الأول في فخذها وحدث الثاني في وجهها، فله الخيار نص عليه في "الإملاء" لأن النفس من الثاني أشد نفورًا من الأول.
والثاني: أن يكون مثل الأول في القبح وكأنه كان الأول في يدها اليمنى والثاني في يدها اليسرى ففيه وجهان:
أحدهما: له الخيار لأنه إذا كان في غير مكان الأول كان عيبًا غير الأول.
والثاني: لا خيار لأنه من جنس الأول كالمتصل فلو رضي برصها فظهر بها جذام كان له الخيار بالجذام دون البرص ولأنه قد تأنف نفسه الجذام ولا تعاف البرص ولا كان بها جذام أو برص فلم يختر فسخ نكاحها حتى زال وبرئ فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يزول قبل علمه به فلا خيار يعدم ما يوجبه.
والثاني: أن يزول بعد علمه وقبل فسخه بعذر آخر عنه ففي خياره وجهان:
أحدهما: له الخيار اعتبارًا بالابتداء.
والثاني: لا خيار له اعتبارًا بالانتهاء.
فلو وجد الزوج بها عيبًا ووجد تب الزوج عيبًا فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يختلف العيبان فيكون عيب أحدهما جذامًا وعيب الآخر برصًا فلكل واحد الخيار بعيب صاحبه لأن المجذوم قد يعاف الأبرص والأبرص قد يعاف المجذوم.
والثاني: أن يتساوى العيبان فيكون بكل واحد منهما برص أو جذام ففي ثبوت الخيار وجهان:
أحدهما: أن لا خيار لتكافئهما وأنه ليس بنقص أحدهما عن حالة صاحبه.
والثاني: أن لكل واحد منهما الخيار لأنه قد يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه من بصاق ومخاط وأذى، والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشافعي:"فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا قَبْلَ المَسِيسِ فَلَا نِصْفَ مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةٍ وَإنْ اخْتَارَ فِراقَهَا بَعْدَ المَسِيسِ فَصَدَاقْتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَلهَا مَهْرُ مُثْلِهَا بِالمَسِيسِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ في عِدَّتِهَا وَلَا سُكْنَىَ وَلَا يَرْجِعُ بِالمَهْرِ عَلَيٍهَا وَلَا عَلَى وَليّهَا لَأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ في التي نُكِحَتْ بِغَيْرَ إِذْنِ وَلِيّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِل فَإِنْ مَسّهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلّ مِنْ فَرْجِهَا وَلَمْ