تكن رقبة الحر مالاً وكانت رقبة العبد مالاً فكذلك الصداق وعلى أنه لو أصدقها منافع أم ولده أو منافع وقفه جاز وإن لم تكن الرقبة مالأً.
فصل:
فإذا تقرر ما وصغنا فصورة مسألتنا في رجل تزوج امرأة وجعل صداقها أن يأتيها بعبدها الآبق فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون العبد معروف المكان تصح الإجارة على المجيء به فهذا صداق جائز لأن ما جازت عليه الإجارة جاز أن يكون صداقًا كسائر الأعمال.
والثاني: أن يكون غير معروف المكان فهذا لا تصح عليها الإجارة وتصح عليه الجعالة فلا يصح أن يكون صداقًا لأمرين:
أحدهما: أنه مجهول المكان فيصير الصداق به مجهولاً والصداق المجهول باطل.
والثاني: أن المعاوضة عليه جعالة غير لازمة والصداق لازم فتنافيا فبطل.
فصل:
فأما المزني فإنه قال: إذا أصدقها أن يجيئها بعبدها الآبق ما يدل على أنه صداق جائز؛ لأنه قال: فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف أجرة المجيء بالآبق.
فاختلف أصحابنا هل أشار بذلك إلى الضرب الأول إذا كان معروف المكان أو إلى الضرب الثاني إذا كان مجهول المكان؟
فقال بعضهم: أراد به ضرب الأول مع العلم بمكان الآبق فعلى هذا يكون موافقًا للشافعي ولسائر أصحابه.
وقال آخرون: بل أراد به الضرب الثاني إذا كان مجهول المكان وكانت المعاوضة عليه جعالة فعلى هذا يكون مخالفًا للشافعي لأنه قد نص على بطلان الصداق في كتاب الأم ومخالفًا لسائر أصحابنا لما ذكرنا من المعنيين في تعليل بطلانه والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَجْرِ التَّعْلِيم. قَالَ المُزَنِيُّ: وَبِنِصْفِ أَجْرِ المَجِيءِ بِالآبِقِ فَإِنْ لَمْ يُعَلَّمْهَا أَوْ لَمْ يَاتِيهَا بِالآبِقِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَهْرٍ مِثْلِهَا؟ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلُو بِهَا يُعَلِّمُهَا".
قال في الحاوي:- والكلام في هذه المسألة يشتمل على فصلين:
أحدهما: إذا أصدقها تعليم القرآن ثم طلق.
والثاني: إذا أصدقها أن يجيئها بعبدها الآبق ثم طلق.