فأما الفصل الأول وهو أن يصدقها تعليم القرآن ثم طلق فهو على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يطلقها بعد تعليمها:
أحدها: أن يطلق بعد أن علمها جميع القرآن فلا يخلو حال طلاقه من أحد أمرين:
أما أن يكون قبل الدخول أو بعده.
فإن كان بعد الدخول: فقد استقر لها بالدخول جميع الصداق وقد وفاها إياه بتعليم جميع القرآن فلا تراجع بينهما بشيء. وءن كان طلاقه قبل الدخول: فقد استحق أن يرجع عليها بنصف الصداق لقول الله تعالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} البقرة:237 فإن كان عينًا حاضرة رجع بنصفها وإن كانت تالفة ولها مثل رجع بنصف مثلها وان لم يكن لها مثل: رجع بقيمة نصفها وليس تعليم القرآن عينًا حاضرة فيرجع بنصفها ولا هو مما له مثل فيرجع بمثل نصفه فلم يبق إلا أن يرجع بقيمة نصف وذلك نصف أجرة مثل التعليم.
فصل:
القسم الثاني: أن يطلقها قبل أن يعلمها شيئًا من القرآن فينظر: فإن كان التعليم مشروطًا في ذمته استأجر لها من النساء ومن ذوي محارمها من الرجال من يعلمها على ما تستحقه من القرآن على ما سنذكره وإن كان التعليم مستحقًا عليه في عينه فقد اختلف أصحابنا هل يجوز له تعليمها بعد الطلاق أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يجوز من وراء حجاب، كما يحوز سماع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء الأجانب وقد كانت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثن من وراء حجاب.
والثاني: وهو الأصح لا يجوز لأمرين:
أحدهما: ما في مطاولة كلامها من الافتتان بها.
والثاني: أنهما ربما هلو وهي محرمة عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما".
فإذا قلنا: إن تعليمها لا يجوز نظر حال الطلاق فإن كان بعد الدخول رجعت عليه في قوله القديم بأجرة المثل وفي قوله الجديد بمهر المثل وإن كان قبل الدخول: رجعت عليه في قوله القديم بنصف أجرة المثل وفي قوله الجديد بنصف مهر المثل.
وإن قلنا إنها تعلم القرآن لم يخل الطلاق من أن يكون قبل الدخول أو بعده فإن كان بعد الدخول فقد استقر لها جميع الصداق فعلى هذا يعلمها جميع القرآن. فلو اختلف فقال قد علمتك القرآن وقالت: لم تعلمني فلا يخلو حالها من أن تكون حافظة للقرآن في الحال أو غير حافظة فإن كانت غير حافظة فالقول قولها مع يمينها وعليه تعليمها وإن