كانت حافظة وقالت حفظت منم غيرك ففيه وجهان:
أحدهما: أن القول قولها أيضًا مع يمينها.
والثاني: أن القول قوله مع يمينه لأنه حفظها شاهد على صدقه وإن طلاقها قبل الدخول فلها نصف الصداق فعلى هذا اختلف أصحابنا في القرآن هل يتجزأ أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أن يتجزي في كلماته وحروفه التي جزأها السلف عليها فعلى هذا يلزمه أن يعلمها نصف القرآن.
والثاني: أنه وإن تجزأ في كلماته وحروفه فليس يتماثل لما فيه من المتشابه وإن بعضه أصعب من بعض وسورة أصعب من صورة وعشر أصعب من عشر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "شيبتني هود وأخواتها" فعلى هذا لا يلزمه إذا استحقت النصف أن يعلمها شيئًا منه لتعذر تماثله، وتراجع عليه بنصف أجرة التعليم على قوله في القديم وبمثل نصف مهر المثل على قوله في الجديد.
فصل:
والقسم الثالث: أن يطلقها بعد أن علمها بعض القرآن وبقي بعضه فلا يخلو حال طلاقه من أحد أمرين: أما أن يكون قبل الدخول أو بعده. فإن كان بعد الدخول: فقد استقر لها جميعه.
فإن قلنا يعلمها بعد الطلاق فعليه تعليمها ما بقي من القرآن حتى تستوفي به جميع الصداق.
وان قلنا: لا يجوز أن يعلمها بعد الطلاق ترتب ذلك على اختلاف أصحابنا في تجزئة القرآن.
فإن قلنا: إن متساوي الأجزاء سقط عنه من الصداق بقدر ما علم كأنه علمها النصف فيسقط عنه نصف المهر وترجع ببدل نصف الباقي على القولين:
أحدهما: وهو في القديم: بنصف أجرة التعليم.
والثاني: وهو الجديد: بنصف مهر المثل.
وإن قلنا إنه غير متساوي الأجزاء: ترتب ذلك على اختلاف قوليه فيما ترجع به عليه من بقية صداقها فإن قيل بالقديم: أنها ترجع عليه بالباقي من أجرة مثل التعليم سقط ههنا عنه الصداق بقدر أجرة ما علم وبني لها عليه بقدر أجرة مثل ما بقي على ما سنذكره من