صداق ما يزيد ببدنه وينقص
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وَكُلَّ مَا أَصُدُقُهَا فَمَلَكَتَهُ بِالْعُقَدَةِ ضَمَنَتَهُ بِالدُّفَعِ فَلَهَا زِيادَتَهُ وَعَلَيهَا نُقْصَانَهُ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: الزوجةَ مالكةً لجميع الصداق بنفس العقد. وهو قول أبي حنيفة.
وقال مالك: قد ملكت بالعقد نصف وبالدخول باقيةً.
استدلالًا بأنه لو طلقها قبل الدخول لم يكن لها إلا نصفه ولو كانت مالكةُ لجمعه ما زال ملكها عن نصفه إلا بعقد فدل على أنها لم تملك منه إلا النصف أو لأنه لو كان ملك الصداق مقابلًا لملك البضع لتساويا في التأجيل والتنجيم حتى يجوز تأجيل البضع وتنجيمه كما يجوز في الصداق.
أو لا يجوز في الصداق كما لا يجوز في البضع فلما اختص الصداق بجواز التأجيل والتنجيم دون البضع اختص بتمليك البعض وإن ملك جميع البضع.
ودليلنا قول الله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} النساء: (4) في ذك دليلان:
أحدهما: إضافةَ جميع الصداق إليهن فاقتضى أن يكون ملك جميعه لهن.
والثاني: أمره بدفع جميعه إليهن فاقتضى أن يكون جميعه حقًا لهن. ولأن الزوج قد ملك بالعقد جميع البضع فوجب أن تملك عليه بالعقد جميع المهر كما أن المشتري لما ملك بالعقد جميع المبيع ملك عليه جميع الثمن، ويتحرر منه قياسان:
أحدهما: أنه عقد تضمن بدلًا ومبدلًا فوجب أن يكون ملك البدل في مقابلًا ملك المبدل كالبيع.
والثاني: أنه أحد بدلي العقد فوجب أن يكون مملوكا بالعقد كالبضع ولأنه لما كان لها المطالبةَ بجميعه قبل الدخول وحبس نفسها به إن امتنع وأن تضرب بجميعه مع غرمائه إن أفلس دل على أنها مالكةً لجميعه لأنه لا يجوز أن يثبت لها حقوق الملك مع عدم الملك. فأما استرجاع الزوج نصفه بالطلاق قبل الدخول فلا يمنع أن تكون مالكةً لما استرجعه كما لو ارتدت قبل الدخول أو فسخت نكاحه بعيب استرجع جميعه ولم يمنع أن تكون مالكةً لما استرجعه وكما يسترجع المشتري الثمن إذا رد بعيب ولا يمنع أن يكون البائع مالكا له.
وأما اختلاف الصداق والبضع في التأجيل والتنجيم فلا يقتضي اختلالها في التمليك كما أن بيوع الأعيان يجوز التأجيل والتنجيم في أثمانها ولا يجوز فيها ولا يمنع