فإن كان مستهلكًا رجع عليها بالنصف من مثل ذلك الصداق، وإن كان باقيًا في يدها ففيه وجهان:
أحدهما: أنه للزوج أن يرجع بالنصف من الصداق الذي أقبضها لأنه عين ماله وليس لها أن تعدل به إلى مثله.
والثاني: أنها بالخيار بين أن تعطيه النصف من ذلك الصداق وبين أن تعدل به إلى نصف مثله لأنه لم يكن متعينًا بالعقد بل كان مضمونًا في الذمةَ فاستقر فيه حكم الخيار في مثله.
والأول أظهر لأنه قد تعين بالقبض فصار كالمتعين بالعقد، فلو كانت قد اشترت بالصداق جهازًا أو غيره ورجع عليها بمثل نصف الصداق ولم يلزمه أن يأخذ نصف الجهاز.
وقال مالك: إذا تجهزت بالصداق لزمه أن يأخذ نصف الجهاز وبني ذلك على أصله في أن على المرأةً أن تجهز لزوجها.
وعندنا: لا يجب على المرأةَ أن تتجهز للزوج لأن المهر في مقابلةَ البضع دون الجهاز فلم يلزمها إلا تسليم البضع وحده.
ولأن ما اشترته من الجهاز كالذي اشترته بغير الصداق ولأن ما اشترته بالصداق من الجهاز كالذي اشترته من غير الصداق، وأما إن كان الصداق في الأصل معينًا بالعقد فلا تخلو حاله مما ذكرناه من الأقسام الخمسة:
أحدهما: أن يكون باقيًا بحاله لم يزد ولم ينقص فله أن يرجع بنصفه فيكون شريكًا فيه وهل يكون شريكًا فيه بنفس الطلاق أو باختياره أن يتملك بالطلاق نصف الصداق؟ على ما ذكرنا من القولين.
والقسم الثاني: أن يكون الصداق قد تلف في يدها فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يتلف في يدها قبل طلاق الزوج.
والثاني: أن يتلف بعد طلاقه.
فإن تلف قبل طلاق الزوج فللزوج أن يرجع عليها بنصف قيمته قولًا واحدًا أقل ما كان قيمته من وقت العقد إلى وقت التسليم لأن قيمته إن نقصت فهي مضمونةً عليها فلا يرجع بها لأن زادت فالزيادةَ لغيره فلم يجز أن بملكها.
وقال مالك: لا يرجع عليها بشيء لأن عنده الصداق أمانة في يدها وقد مضى الكلام عليه.
وأما إن تلف الصداق في يدها بعد آن ملك الزوج نصفه بطلاقه فلم يتسلمه حتى تلف فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يتلف في يدها قيل بذله له وتمكين منه فله أن يرجع عليها بنصف قيمته على ما مضى.