والثاني: أن يتلف في يدها بعد بذله له وتمكينه منه فلم يتسلمه حتى تلف ففي ضمانه وجهان مبنيان على اختلاف أصحابنا فيما يستحقه الزوج من الصداق.
فأحدهما: أن الذي يستحقه عليها التمكين من الصداق فعلى هذا لا ضمان علها لوجود التمكين.
والثاني: أن الذي يستحقه عليها تسليم الصداق فعلى هذا عليها ضمانه لعدم التسليم.
ثم يتفرع على هذين الوجهين إذا تلف في يدها بجنايةُ آدمي فعلى الوجه الأول أن المستحق هو التمكين يرجع الزوج إلى الجاني.
وعلى الوجه الثاني: أن المستحق هو التسليم بكون الزوج بالخيار بين أن يرجع على الزوجةَ أو على الجاني.
ويتفرع على هذين الوجهين أيضًا إذا حدث بالصداق بعد أن تملك الزوج نصفه نقصان لا يتميز فلا خيار له في فسخ الصداق به والرجوع إلى قيمتهُ لاستقرار ملكه عليه وهل يكون نقصه به مضمونًا عليها أم لا؟ على وجهين: معتبر بحالها في التسليم والتمكين ولها فيه ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن لا تسلم ولا تمكن الزوج منه فا لقصان مضمون عليها لأنه مقبوض في يدها عن معاوضةً فلزمها ضمانه كالمقبوض سومًا.
والثانية: آن تسلمه إليه فيرد عليها فهو أمانةً كالوديعةً لا يلزمها ضمانه.
والثالثة: أن تمكنه منه فلم يتسلمه حتى نقص نفي ضمانها لنقصانه وجهان:
والقسم الثالث: أن يكون الصداق قد زاد فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تكون الزيادةً متميزةً كالولد فالزيادةً لها ويرجع الزوج بنصف الأصل من غير زيادة.
وعند مالك: يرجع بنصف الأصل ونصف الزيادةً.
وعند أبو حنيفة: لا يرجع بنصف الأصل ولا بنصف الزيادة، ويرجع بنصف القيمةً
بناء على أصله في أن زيادة المبيع تمنع من الرد بالعيب.
والضرب الثاني: أن تكون غير متميزةً كالبرء والسمن فهي بالخيار بين أو تعطيه نصف القيمةَ أو نصف العين.
وعند مالك: تجبر على دفع نصف العين زائدةً.
وليس كذلك لما بيناه من أن الزيادةً ملك لها وهي متصلةً بالأصل فلم تجبر على بذلها فإن بذلت له نصف القيمةَ أجبرها على قبولها وإن بذلت له نصف الصداق زائدا ففي إجبارها على قبولها وجهان:
أصحهما: يجبر عليه وليس له نصف القيمةَ لأن منعه العين إنما كان لحق الزوجةً من الزيادةً.