مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَرَضًا بِعَيُنِهِ أَوْ عَبْدَا فَهَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ فَلَهَا قِمَتُهُ يَوْمَ وَقَعَ النّكَاحُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فَمَنَعَهَا فَهُوَ غَاضِبٌ وَعَلَيْه أَكْثَرُ مَا كَانَ قَيمَةٌ. قَالَ المُزَنِيُّ: قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الخُلْع: لَوْ أًصْدَقَهَا دَارًا فَاحْتَرقَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا كَانَ لَهَا الخِيَارُ فِي أَنْ تَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَكُونَ لَهَا العَرَصَةُ بِحِضَّنِهَا مِنَ المَهْرِ. وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: لّوْ خَلَعَهَا عضلَي عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ لَوْ اشْتَرَاهُ فِيهَا فَمَاتَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبْضَتْ. قَالَ المُزَنِيُّ: هَذَا أَشْبَهُ بَأَصْلِهِ؛ لأَنَُّ يَجْعَلُ بَدَلَ النّكَاح وَبَدَلَ الخُلْعِ فِي مَعْنَى بَدَلَ البَيْع المُسْتَهْلكِ، فَإِذَا بَطُلَ البَيْعُ قَبْلَ أَنْ يَقْيضَ وَقَدْ قَبَضَ البَدَلَ وَاسْتَهَلَكَ رَجَعَ بِقِيِمَةِ المُسْتَّهْلَكِ وَكَذَلِكَ النْكَاحُ وَالخُلْعِ إِذَا بَطُلَ بَدَلُهَا رَجَعَ بِقِيِمََتْهَا وَهُوَ مَهْرُ المَثْلِ كَالبَيْعِ المُسْتَّهْلَكِ ".
قال في الحاوي: إذا كان الصداق معينًا من عروض أو حبوب كعبد أو بعير أو حنطة أو شعير فتلف في يد الزوج قبل قبضه ففي بطلان الصداق بتلفه وفيما يستحق الرجوع ب قولان:
أحدهما: وهو قوله في القديم وبه قال أبو حنيفة: أن الصداق لا يبطل من العقد بتلفه في يد الزوج وأن لها أن ترجع علي بقيمت.
ودليله شيئان:
أحدهما: أن كل ما وجب تسليمه مع بقائه إذا هلك مضمونًا مع بقاء سبب استحقاقه يوجب ضمان قيمته كالمعصوب والعوادي.
والثاني: أنه لما كان الصداق في مقابلة البضع وكان ملك الزوج على البضع مستقرًا قبل القبض ولا يفسد العقد عليه لو تلف وجب أن يكون ملك الزوجة للصداق مستقرًا قبل القبض ولا يفسد العقد عليه إن تلف.
والقول الثاني: قاله في الجديد واختاره المزني: أن الصداق قد بطل من العقد بتلف قبل القبض ولها مهر المثل دون قيمته.
ودليله شيئان:
أحدهما: أن الصداق عوض تعين في عقد معاوضة فوجب أن يبطل بتلفه قبل القبض ويستحق الرجوع بالمعوض دون العوض كالبيع وهو أن يبيع الرجل عبدًا بثوب يسلمه ويتلف الثوب قبل أن يتسلمه فيكون له الرجوع بعبده لا بقيمة الثوب الذي في مقابلته كذلك تلك الصداق كان يقتضي تلفه الرجوع بالضبع الذي في مقابلته لكن لما تعذر الرجوع به للزوم العقد من وجب الرجوع ببدل وليس له مثل فوجب الرجوع بقيمته وقيمته مهر المثل.