والثاني: أنه لما كان بطلان الصداق بجهالته أو تحريمه يوجب الرجوع بمهر المثل دون القيمة وجب أن يكون بطلانه بالتلف بمثابته في الرجوع المثل دون قيمته.
فصل:
فإذا تقرر توجيه القولين: انتقل الكلام إلى التفريغ عليهما. فإذا قلنا بالقديم: إن الرجوع بالقيمة دون المهر: فله حالان:
أحدهما: أن يمنعها منه بغير عذر حتى يتلف في يده فيكون علي قيمته أكثر ما كان قيمة من وقت المنع إلى وقت التلف إن لم يكن قيمته قبل ذلك أكثر لأنه بالمنع قد صار غاضبًا فوجب أن يضمنه ضمان الغضب.
والثانية: أن لا يكون منه منع ولا منها طلب ففي كيفية ضمانه قولان:
أحدهما: أنه يضمنه ضمان عقد.
والثاني: ضمان غصب.
فإذا قيل ضمان عقد: فعليه قيمته يوم أصدق.
وقال أبو حامد الإسفراييني: عليه قيمته يوم تلف.
وهذا خطأ؛ لأن نقصانه بعد العقد مضمون عليه فوجب أن تلزمه قيمته وقت العقد وإذا قيل: يضمنه ضمان العيب فعليه قيمته أكثر ما كانت من وقت العقد إلى وقت التلف في يديه.
وهل يلزمه أكثر ما كانت قيمته في سوقه أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يضمنها كالمغصوب فعلى هذا يضمن زيادة البدن وزيادة السوق.
والثاني: لا يضمنها لأنه غير متعد بالإمساك فكانت حالة أخف من الغاصب المتعدي فعلى هذا يضمن زيادة البدن ولا يضمن زيادة السوق.
وإذا قلنا بقوله في الجديد: أن الرجوع يكون بمهر المثل فلتلفه أربعة أحوال:
أحدها: أن يكون بحادث سماء فيبطل فيه الصداق ويستحق فيه مهر المثل.
والثانية: أن تستهلكه الزوجة في يد الزوج فيكون ذلك قبضًا منها ولا نهرك كمن اشترى سلعة واستهلكها في يد بائعها كان استهلاك قبضًا.
والثانية: أن يستهلكه أجنبي ففي بطلان الصداق فيه قولان مبنيان على اختلاف قوليه فيمن ابتاه عبدًا فقتله أجنبي في يد بائعه ففي بطلان البيع قولان:
أحدهما: قد بطل.
والثاني: أنه صحيح ومشتريه بالخيار.
كذلك هاهنا لأنه مضمون على متلفه فيكون في بطلانه قولان:
أحدهما: قد بطل ولها على الزوج مهر مثلا ويرجع الزوج على متلفه بالقيمة.