والقول الثاني: أنه لا يبطل وتكون الزوجة بحدوث النقص بتلفه مخيرة بين المقام والفسخ.
فإن أقامت كانت لها قيمة الصداق ترجع به على من شاءت من الزوج أو المستهلك وإن فسخت رجعت على الزوج بمهر المثل ورجع الزوج على المستهلك بالقيمة.
والحال الرابعة: أن يستهلكه الزوج فقد اختلف أصحابنا في استهلاكه هل يجري مجرى حادث سماء أو مجرى استهلاك أجنبي على وجهين:
أحدهما: أنه يجري مجرى تلفه بحادث سماء فعلى هذا يبطل فيه الصداق ويلزمه مهر المثل.
والثاني: أنه يجري مجرى استهلاك أجنبي فعلى هذا يبطل فيه الصداق أم لا؟ على ما ذكرنا من القولين:
فصل:
فأما المزني فإنه اختار قوله في الجديد أن تلف الصداق يوجب الرجوع بمهر المثل وهو اختيار أكثر أصحابنا.
غير أنه استدل من مذهب الشافعي بما لا دليل فيه وهو أنه حكي عن الشافعي في كتاب الخلع أنه أصدقها دارًا فاحترقت قبل قبضها كان لها الخيار في أن ترجع بمهر مثلها أو تكون لا العرصة بحصتها من المهر.
وهذا لا دليل فيه لن أحد قوليه وهو في القول الثاني ترجع بالقيمة.
قال المزني: وقال فيه لو خالعها على عبد بعينه فمات قبل قبضه رجع عليها بمهر مثلها كما يرجع لو اشتراه منها فمات بالثمن الذي قبضت. وهذا أيضًا لا دليل في لأنه أحد قوليه ويرجع في القول الثاني بقيمته وليس تفريعه على أحد القولين إبطال للآخر.
والشافعي غير جميع كتبه القديمة في الجديد وصنفها ثانية إلا الصداق فإنه لم يغيره في الجديد ولا أعاد تصنيفه وإنما ضرب على مواضع منه وزاد في مواضع والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ جَعَلَ ثَمَرَ النَّخْلِ فِي قَوَاريرَ وَجَعَلَ عَلَيْهَا صَفْرًا مِنْ صَقْرِ نَخْلِهَا كَانَ لَهَا أَخْذُهُ وَنَزْعُهُ مِنَ القَوَارِيرِ فَإِنْ كَانَ إِذَا نَزَعَ فَسَدَ وَلَمْ يَبْقَ فِيِهِ مِنْهُ شَيء يُنْتَفَعُ يِهِ كَانَ لَهَا الخِيَارُ فِي أَنْ تَأَخُذَهُ أَوْ تأَخُذَ مِنْهُ مِثْلَهُ صَفْرِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قَيمَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَلَوْ رَبَّهُ بِرَبَّ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ لَهَا الخِيَارُ فِي أَنْ تَأَخُذَهُ وَتَنْزَعَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الرَّبُّ أَوْ تَأَخُذَ مِثْلَ إِذَا كَانَ خَرَجَ مِنَ الرَّبِّ لاَ يَبْقَى يَابِسًا بَقَاءَ الثَّمْرِ الَّذِي لَمْ (يُصبه)