والثاني: أنهما جائزان فعلى هذا ينظر مهر المثل فإن كان ألفًا صار العبد في مقابلة ألفين:
أحدهما: صداق والأخرى ثمن فيكون نصف العبد صداقًا ونصفه مبيعًا.
فإن طلقها قبل الدخول استرجع ربعه ولو كان مهر مثلها ألفين صار العبد في مقابلة ثلاثة ألف درهم فيكون ثلثه صداقًا إن طلقها قبل الدخول استرجع ثلثه ويكون ثلث العبد مبيعًا ولم كان مهر مثلها خمسمائة صار ثلث العبد صداقًا وثلثاه مبيعًا.
فلو وجدت بالعبد عيبًا فإن رضت بعيبه في البيع والصداق أمسكته وإن أرادت الفسخ فيهما كان لها ورجعت بالثمن وهو ألف وفيما ترجع به من بدل الصداق قولان:
أحدهما: مثل المثل على قوله الجديد.
والثاني: قيمة صداقها منه من نصف أو ثلثين أو ثلث ولا يلزمها أن تأخذ ذلك القدر وأرشه في الصداق لما فيه من تفريق صفقة في معيب. ولو أرادت حين ظهرت على عيب العبد أن ترد منه المبيع دون الصداق أو ترد منه الصداق دون المبيع ففيه قولان من تفريق الصفة الأول: يجوز.
والثاني: لا يجوز إذ تفريق الصفقة لا يجوز.
فلو تلف العبد في يدها قبل علمها بعيبه رجعت بأرش المبيع من ثمنه ومن ماذا ترجع بأرش الصداق؟ على قولين:
أحدهما: من قيمته.
والثاني: من مهر المثل.
فأما المزني فإن جعل الأولى بقولي الشافعي أن يكون العقد باطلًا فيهما واستشهد بالبيع والإجارة وبالبيع والكتابة ولا شاهد فيهما لأن كل ذلك على قولين.
وحكي عن المزني أنه ذهب إلى جواز العقد فيهما وأن جعل الأولى على قول الشافعي أن يكون باطلًا فيهما ولكلا القولين وجه قد مضى والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافعيُّ: "وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَدَبَّرَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ؛ لأَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَكُونُ إِلَّا بإخْرَاجِهَا إِيَّاهُ مِنْ مِلْكِهَا. قَالَ المُزَنِيُّ: قَدْ أَجَازَ الرُّجُوعَ فِي كِتَابِ التَّدبِيرِ بِغّيْرِ إِخْرَاجٍ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ المُزَنِيُّ: إِذَا كَانَ التَّدبِيرُ وَصِيَّةً لَهُ بِرقَبَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أوْصَى لِغَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّ نِصْفِهِ إِلَيْهِ إِخْرَاجٌ مِنَ المِلْكِ".
قال في الحاوي: وصورتها أن يصدقها عبدًا فتدبره بأن تقول له: إذا مت فأنت حر