وتقول: أنت مدبر تريد به أنها إذا ماتت فهو حر فقد صار مدبرًا وللرجوع فيه قولان:
أحدهما: وبه قال في القديم وأحد قوليه في الجديد: إن التدبير كالوصايا. ولها الرجوع فيه بالقول مع بقائه على ملكها بأن تقول: قد رجعت في تدبيرك أو أبطلته فيبطل التدبير مع بقائه على الملك كما تبطل الوصايا بالرجوع.
والثاني: وهو قوله الثاني في الجديد: إن التدبير يجري مجرى العتق بالصفات وليس لها الرجوع فيه بالقول ولها إبطاله بالفعل وهو أن تخرجه عن ملكها ببيع أو هبة فيبطل.
فإذا تقرر هذان القولان وطلقها الزوج بعد تدبيره فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تكون قد أبطلت تدبيره إما بالقول على القول الأول أو بالفعل على القول الثاني فللزوج أن يرجع بنصفه وهل له فيه الخيار أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا خيار له لأنه قد صار بإبطال التدبير عبدًا قنًا.
والثاني: له الخيار لأن المدبر ربما حاكم مولاته بعد إبطالها لتدبيره إلى حنفي لا يرى إبطال التدبير فيحكم عليها بالتزامه فعلى هذا يكون الزوج لأجل ذلك مخيرًا بين أخذ نصفه وبين أن تفسخ ويرجع عليها بنصف قيمته.
والثاني: أن يكون على تدبيره عند طلاق الزوج لم تبطله الزوجة بالقول ولا بالفعل ففي رجوع الزوج بنصفه ثلاثة أقاويل:
أحدها: له الرجوع بنصفه سواء قيل إن التدبير كالوصايا يجوز الرجوع فيه بالقول أو قيل إنه كالعتق بالصفات التي لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل لبقاء المدبر على ملكها وإن لها وإزالة ملكها عنه مختارة بالبيع فلأن يجوز إزالة ملكها عنه جبرًا برجوع الزوج أولى.
والثاني: ليس له الرجوع بنصفه ويعدل عنه إلى بدله سواء قيل إن التدبير كالوصايا يجوز الرجوع فيها بالقول أو قيل إنه كالعتق بالصفات لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل لأن الرجوع في التدبير إنما يصح إذا كان من جهة السيد المدبر لا من غيره ورجوع الزوج فيه يكون إبطالًا للتدبير من غير السيد فلم يجز.
والثالث: أنه يجوز للزوج أن يرجع بنصفه إذا قيل: إن التدبير وصية يجوز الرجوع فيها بالقول ولا يجوز له الرجوع بنصفه إذا قيل: إن التدبير عتق بصفة لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل فيكون حكم الزوج في إبطاله معتبرًا بالزوجة.
فإذا تقررت هذه الأقاويل الثلاثة فإن قلنا: ليس لها الرجوع بنصفه كان له الرجوع عليها بنصف قيمته وإذا قلنا: له الرجوع بنصفه فله الخيار دونها بين المقام والفسخ لعلتين:
إحداهما: أن بقاء نصفه على التدبير نقص في قيمته.
والثاني: أنه ربما حاكم مولاته إلى حنفي يرى لزوم تدبيره.
فإن أقام فهو حقه وإن فسخ رجع عليها بنصف قيمته.