ولأنها إذا كانت في مستبذل مهان زال تعظيمها من النفوس فلم تحرم قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلقاء صنمين على الصفا والمروة فكانت تداس على باب المسجد وهو يقرها ولا يمنع من استبقائها لأنه عدل بتعظيمها إلى الاستهانة بها والإذلال بها.
فصل:
فأما الدستور المعلقة على الأبواب والجدران فضربان:
أحدهما: أن تكون صور ذات أرواح فاستعمالها محرم سوا، استعملت لزينة أو منفعة وقال أبو حامد الإسفراييني: إن كانت مستعملة للزينة حرمت وان كانت مستعملة للمنفعة لتستر بابا أو تقي من حر أو برد جاز ولم يحرم لأن العدول بها عن الزينة إلى المنفعة يخرجها عن حكم الصيانة إلى البذلة وهذا ليس بصحيح لأن الانتفاع بالشيء لا يخرجه من أن يكون مصانا عظيما فحرم استعمالها في الحالين وسقط بها فوض الإجابة إلى الوليمة.
والثاني: أن تكون الستور بغير صور ذات أرواح فهذا على ضرين:
أحدهما: أن يستعمل لحاجة أو منفعة لأنها تستر باباً أو تقي من حر أو برد فلا بأس باستعمالها.
والثاني: أن تكون زينة للجدران من غير حاجة إليها ولا منفعة بها فهي سرف مكروه. ووت عائشة رضي انه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن انه لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الجدران والطين" لكن لا يسقط بهذه الستور فرض الإجابة للوليمة لأن حظرها للمسرف في الاستعمال لا للمعصية في المشاهدة.
فصل:
ولا فرق في تحريم صور ذوات الأزواج من صور الآدميين والبهائم ولا فرق بين ما كان مستحسنا منها أو مستحسنا أو ما كان منها عظيما أو مستصغرا إذا كانت صور حيوان مشاهد.
فأما صورة حيوان لم يشاهد مثله محل صورة طائر له وجه إنسان أو صورة إنسان له جناح طير ففي تحريمه وجهان:
أحدهما: يحرم بل يكون أشد تحريما لأنه قد أباع في خلق الله تعالى ولتول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤمر بالنضح فيه وليس بنافخ فيه أبداً".
والثاني: وهو قول أبي حامد المروزي: لا تحرم لأنه يكون بالتزاويق الكاذبة أشبه منه بالصور الحيوانية فعلى الوجه الأول يحرم عليه أن يصور وجه إنسان بلا بدن وعلى الوجه الثاني لا يحرم.