مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فِي نَثْرِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ فِي الْعُرْسِ: لَوْ تُرِكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِخِلْسَةٍ وَنُهْبَةٍ، وَلَا يَبِينُ أَنَّهُ حَرَامٌ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَغْلِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَاخُذُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبَّ إِلَى صَاحِبِهِ".
قال في الحاوي: أما نثر السكر واللوز في العرس أو غير ذلك من طيب أو دراهم فمباح إجماعاً اعتباراً بالعرف الجاري فيه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج عليا بفاطمة رضي الله عنها نثر عليهما لكن اختلف الفقهاء في استحبابه وكراهيته فمذهب أبي حنيفة إلى أنه مستحب وفعله أولى من تركه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عن النثر فقال: هبة مباركة.
وقال بعض أصحابنا هو مباح ليس بمستحب ولا مكروه وفعله وتركه سواء وقال سائر أصحابنا وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنه مكروه وتركه أفضل من فعله لأمور:
أحدها: أنه قد يوقع بين الناس تناهبا وتنافرا وما أدى إلى ذلك فهو مكروه.
والثاني: أنه قد لا يتساوى الناس فيه وربما حاز بعضهم أكثره ولم يصل إلى آخرين شيء منه فتنافسوا.
والثالث: أنه قد يلجأ الناس فيه إلى إسقاط المروءات إن أخذوا أو يتسلط محليهم السفهاء إن أمسكوا وقد كانت الصحابة ومن عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم أحفظ للمروءات وأبعد للتنازع والتنافي فلذلك كره النثار بعدهم وان لم يكره في زمانهم وعادة أهل المروءات في وقتنا أن يقتسموا ذلك بين من أرادوا أو يحملوا إلى منازلهم فيخرج عن حكم النثر إلى الهدايا.
فصل:
فإن تقرر ما وصفنا في النثر فمن أخذ منه شيئا وقع على الأرض فقد ملكه وكان مخيرا بين أكله أو حمله إلى منزله أو بيعه بخلاف طعام الوليمة الذي لا يملك إلا أكله في موضعه اعتبارا بالعرف في الحالين والقصد المفرق بين الأمرين فأما ما وقع من النثر في حجر بعض الحاضرين فإنه لا يملكه حتى يأخذه بيده لكنه يكون أولى به من غيره فإن أخذه غيره ملكه الأخذ وان أساء كما يقول في الصيد إذا دخل دار رجل كان أولى به من غيره فإن أخذه غيره ملكه أخذه فأما زوال ملك ربه عنه فغيه وجهان:
أحدهما: أن يكون نثره بين الناس ويصير ذلك ملكاً لجماعتهم ولا يتعين ملكه لواحد منهم إلا بالأخذ.
والثاني: أنه باق على ملك صاحبه حتى يلتقطه الناس فيملك كل واحد منهم ما