التقطه فيزول عنه ملك صاحبه.
فصل:
فأما التقاط النثر فقد اختلف أصحابنا في كراهيته مع إجماعهم على جوازه فلهم فيه وجهان:
أحدهما: أنه مكروه، قال الشافعي: لأنه قد يأخذ من غيره أحب إلى صاحبه فعلى هذا لا يلزمهم التقاط لأن فعل المكروه لا يلزم.
والثاني: أنه ليس بمكروه إذا كان الملتقط مدعوا كما لا يكره أكل طعام الوليمة للمدعو وان جاز أن يأكل من غيره أحب إلى صاحبه فعلى هذا لا يجب الالتقاط على أعيان الحاضرين لأنه تملك محض يجري مجرى الهبة في وجوبه على الكافة وجهان:
أحدهما: لا يجب تعليلا بالهبة فإن تركوه جميعا جاز.
الثاني: أنه من فروض الكفاية لما في ترك جميعهم له من ظهور المقاطعة وانكسار نفس المالك فعلى إذا التقطه بعضهم سقط فرضه عن الباقين وكذلك ولو التقط بعض الحاضرين بعض المنثور وبقي بعض الحاضرين وبعض المنثور سقط عنهم فرض التقاطه وان كان جميعه باقيا خرجوا بتركه أجمعين ثم النثر مختص في العرف بالنكاح وان كان مستعملا في غيره كالوليمة في اختصامها بعرس النكاح وإن استعملت في غيره كما أن الأغلب فيه نثو اللوز والسكر وان نثر قوم غير ذلك.
حكي أن أعرابيا تزوج فنثر على نفسه الزبيب لإعواز السكر وأنشأ يقول:
وَلَمَّا رَأَيْتُ السُّكَّر العَامَ قَدْ غَلَا وَأَيْقَنْتُ أَنَّى لَا مَحَالَة نَاكِح
صَبَبْتُ عَلَى رَاسِي الزَّبِيب لِصُحْبتَي وَقُلتُ كُلُوا أَكْل الحَلَاوَةِ صَالِح
مختصر القسم ونشوز الرجل على المرأة
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى: "قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 228. قَالَ الشَّافِعِيُّ:" وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: كَفُّ الْمَكْرُوهِ، وَإِعْفَاءُ صَاحِبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي طَلَبِهِ، لَا بِإِظْهَارِ الْكَرَاهِيَةِ فِي تَادِيَتِهِ، فَأَيُّهُمَا مَطَلَ بِتَاخِيرِهِ، فَمَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ "
قال في الحاوي: أعلم أن الله تعالى أوجب للزوجة على زوجها حقا حظر عليه النشوز عنه كما أوجب له عليها من ذلك حقا حظر عليها النشوز عنه قال الله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} الأحزاب: (50) إشارة إلى ما أوجبه لها من كسوة ونفقة وقسم قال تعالى: {وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} النساء:19 فكان من عشرتها بالمعروف