عليه، لينطلق من حبس هذا التحريم كما وقع عليها، فانطلقت من حبس التحريم والله أعلم.
مسألة: قال الشافعي: "ولو قال أنت خلية أو بائن أو بريئة أو بتة أو حرام أو ما أشبهة فإن قال قلته ولم أنو طلاقًا وأنوى به الساعة طلاقًا لم يكن طلاقًا حتى يبتدئه ونيته الطلاق وما أراد من عدد".
قال الماوردي: قد ذكرنا أن الألفاظ التي يخاطب بها الرجل زوجته في الطلاق تنقسم إلى ثلاثة أقسام صريح وكناية وما ليس بصريح ولا كناية، مما الصريح فقد ذكرنا انه ثلاثة ألفاظ: الطلاق، والفراق، والسراح، ومعنى الصريح انه لا يفتقر في وقوعه إلى نية، وأما الكناية فهو الذي لا يقع الطلاق به إلا مع النية، وهو كل لفظ دل على المباعدة.
وقال الشافعي في كتاب "الرجعة": كل ما يشبه الطلاق فهو كناية، والكنايات ضربان: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة ستة ألفاظ، بتة وخلية وبرية وبائن وبتلة وحرام. والباطنة اعتدي واذهبي والحقي بأهلك، وحبلك على غاربك ولا حاجة لي فيك وانكحي من شئت واستبرئي وتقنعي وقومي واخرجي وتجرعي، وذوقي وكلي واشربي واختاري وما أشبه ذلك على ما سنشرحه، وكلا الأمرين الضربين عندنا سواء، وحكم الظاهرة والباطنة عندنا واحد. فإن اقترن بالنية وقع به الطلاق وإن تمرد عنها لم يقع.
وقال مالك: الكنايات الظاهرة يقع بها الطلاق الثلاث من غير نية، فإن نوى بها واحدة كانت في غير المدخول بها ما نوى، وفي المدخول بها ثلاثًا.
وقال أبو حنيفة: جمع الكنايات الظاهرة والباطنة يقع بها الطلاق، إذا قارنها أحد ثلاثة أشياء: النية أو الغضب أو طلب الطلاق، ولكن ما كان ظاهرًا وقع بائنًا، وما كان منها باطنًا وفي رجعيًا، إلا أن يريد بهم ثلاثًا فتكون ثلاثًا، ولو أراد اثنتين لم تكن إلا واحدة، ولو أراد بصريح الطلاق ثلاثًا أو اثنتين، لم تكن إلا واحدة، وله في كل لفظة مذهب يطول شرحه، لكن تقريب جملته ما ذكرناه فصار الخلاف معه في أربعة فصول:
أحدهما: أن الغضب والطلب هل يقومان في الكناية مقام النية أم لا؟
والثاني: أن وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة هل يكون بائنًا أم لا؟
والثالث: إذا أراد بالكنايات اثنتين هل تكون اثنتين أم لا؟
والرابع: أنه أراد بصريح الطلاق الثلاث هل تكون ثلاثًا أم لا؟
فأما الفصل الأول: في الطلب والغضب فقد مضى الكلام فيهما، وذكرنا أنه لا تأثير لهما في صريح ولا كناية.
فصل
وأما الفصل الثاني: وهو أن وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة، هل يكون رجعيًا إذا