وروى النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أّمني جبريل - عليه السلام -، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم). وروي عن نعيم ين عبد الله المجمر قال: صليت خلف أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم قبل أم الكتاب وقبل السورة وكبرّ في الخفض والرفع، وقال: أنا أشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال عطاء: قال أبو هريرة: (ما أسمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسمعنا كم وما أخفى عنا أخفينا عنكم).
وروى الشافعي بإسناده عن أنس رضي الله عنه قال: صلّى معاوية بالمدينة صلاة يجهر فيها بالقراءة، فقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، ولم يقرأها للسورة بعدها حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان؛ يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلّى بعد ذلك قرأ ببسم الله الرحمن الرحيم للسورة بعد أم القرآن، وهذا إجماٌع.
وروي عن مسلم بن حيان، قال: صليت خلف ابن عمر، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين، فقلت له: لقد صليت صلاة ينكرها كثير من الناس، فقال: وما ذاك؟ فقلت: جهرت ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين، قال: نعم صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ُقبض، فكان يجهر بها في السورتين حتى قبض، وخلف أبى الصديق فكان يجهر بها في السورتين حتى قبض، فلا أدع الجهر بها حتى أموت 73/ ب.
وأما الخبر الذي ذكروا، قلنا: روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه (كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)، فيحتمل أنه لم يسمع ذلك لصغره أو أُبعده، وأخبارنا المثبتة أولى،
فَرْعٌ
قال في (الأم) لو أغفل أن يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلى آخر السورة كان عليه أن يعود فيقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ويأتي ببقية السورة، وهذا لأنه يجب الترتيب في القراءة ولا يجوز أن يغيرها فيقرأ آيًة بعد آية بعدها، فإذا ترك آية وجبت عليه إعادتها وإعادة ما بعدها كما أنه لا يجوز أن يغير حروف الكلمة الواحدة أو الكلمتين، فيقول: موضع لله الحمد، كذلك ترتيب الآيات لا يجوز تغييرها، وكذلك لو قرأ بعد التسمية {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وترك {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وأتى بالحمد لله، وما بعده كما لو نسي القراءة، فركع وأتى بالقراءة والركوع.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو بدأ فقرأ في الركعة غيرها، ثم قرأها أجزأت عنه.
قال أصحابنا: أراد إذا قدم السورة على الفاتحة لم يمنع ذلك صحة قراءة الفاتحة،