إلى إرادة الحالف بها، فإن أراد بها أسماء الله تعالى كان حالفًا بها، وإن أراد بها أسماء المخلوقين لم يكن حالفًا بها، وإن لم تكن له إرادة، ففيها وجهان:
أحدهما: يكونه حالفًا بها تغليبًا لأسماء لله تعالى، لأن المقصود به الأيمان في الغالب.
والثاني: أنه لا يكون حالفًا، لأنها مع تساوي الاحتمال فيه تصير كناية لا يتعلق بها مع فقد الإرادة حكم، فلو كثر استعمالها في أسماء الله، وقلت في المخلوقين صار حالفًا بها في الظاهر دون الباطن كالقسم الخامس، ولو كثر استعمالها في المخلوقين، وقل استعمالها في الله تعالى لم يكن حالفًا بها في الظاهر، وإن جاز أن يكون حالفًا بها في الباطن كالقسم السادس.
فصل:
والقسم الثامن من أسمائه: الجبار، والمتكبر، فإن خرج مخرج المدح والتعظيم، كان مختصًا بالله تعالى، وإن خرج مخرج الذم، كان مختصًا بالمخلوقين، وهو اسمان: الجبار والمتكبر، لأنهما في صفات الله تعالى مدح، وفي صفات المخلوقين ذم، فيصير بهما حالفًا إن خرجا مخرج المدح، لاختصاص الله تعالى بالمدح بها، ولا يصير بهما حالفًا إن خرجا مخرج الذم لانتفائه في صفاته.
فهذه ثمانية أقسام تعتبر بها أسماء الله تعالى، إذا حلف بها فيحمل جميع ما جاء به الأثر من أسمائه عليها، فإنه لا يخرج من أحدها.
فصل:
فأما صفات الله تعالى فضربان:
أحدهما: صفات ذاته.
والثاني: صفات أفعاله.
فأما صفات ذاته فقديمة لقدم ذاته، وذلك مثل قوله: وقدرة الله، وعظمة الله، وجلال الله، وعزة الله، وكبرياء الله، وعلم الله، لأنه نزل على هذه الصفات ذا قدوة، وعظمة، وجلال، وعزة، وكبرياء، وعلم فجرت هذه الصفات اللازمة لذاته مجرى الموصوف، فجرى عليها حكم أسمائه في انعقاد اليمين بها في وجوب الكفارة فيها.
وقال أبو حنيفة: إذا حلف بعلم الله لم يكن يمينًا، وأجراها مجرى معلومه، ولو حلف بمعلوم الله لم يكن يمينًا، كذلك إذا حلف بعلمه.
وهذا فاسد، لأن العلم من صفات ذاته، فانعقدت به اليمين كالقدرة والعظمة، والفرق بين العلم والمعلوم أن المعلوم منفصل عن ذاته، والعلم متصل بها وأما صفات أفعاله فهي محدثة غير لازمة كقوله: "وخلق الله، ورزق الله، فلا يكون حالفًا بها لخلوها منه قبل حدوثها، واليمين بالمحدثات غير منعقدة كذلك ما كان محدثًا من صفات أفعاله.